استبد أشد استبداد بأتقى وأبر الصحابة ، وبأموال المسلمين ، وتولية الأشرار عليهم ، وتعذيب من فاه منهم بأشد العذاب . وبعد أن أقر بكل ذلك لا يريد أن يعتزل الأمر ويبعد الخونة من الأمويين ، أو يسلم من حرض على القتل والفتك ، لا مروان ولا حتى عبده ، وعندها قتلوه واجمعوا أنه قد كفر فلا يدفن في مقابر المسلمين ، وتولى طلحة ذلك حتى أجمعت أقطاب الصحابة والمسلمون على انتخاب الخليفة اجماعاً قاطعاً ، لا كالسقيفة ، ولا كالعهد الذي أدلى به أبو بكر لعمر ، ولا كالشورى ، بل باجماع الأمة وصلحائها ، وتوجهوا إلى علي ( عليه السلام ) أبو الحسنين سيدي شباب أهل الجنة وزوج بضعة المصطفى سيدة نساء العالمين فاطمة ( عليها السلام ) ، وأخو رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) ووصيه ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، باب علم مدينة رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) ، وسفينة النجاة ، وعميد الثقل الأصغر ، وحبيب اللّه وحبيب رسوله الطاهر الزكي بشهادة القرآن ، ونفس رسول اللّه في آية المباهلة . وهنا عاد الحق إلى نصابه ، وتنفس المسلمون الصعداء ، لولا أن الشيطان صرخ يستفز المنافقين والأشرار ، وكان قبلها قد دبر مكيدة السقيفة ، والعهد والشورى لاحباط هذا الدين القويم . واليوم لا يرضيه عودة الحق إلى نصابه ، فهب صارخاً ، فأقام الفتن مذ دعا جماعة فنكثوا بيعة الإمام ، وأهاب بآخرين ألقوا تبعة قتل عثمان ( وهم الساعين له ) على الإمام الطاهر البريء علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فاتفق الناكثين طلحة والزبير مع عائشة للقيام بفتنة هلكوا بها وخسروا الدنيا والآخرة ، وذهبت ضحاياها عشرات الألوف من نفوس المسلمين الأبرياء . وأعطت هذه الفرصة لبني أمية ومعاوية وأذنابه من السفهاء الفسقة الفجرة للالتفاف حوله وقيام حروب القاسطين في صفين والمارقين في النهروان حتى انتهت بقتل أعظم رجل بعد رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) مظلوماً في محرابه فخسرت الأمة الاسلامية حريتها ووحدتها نتيجة الفتنة الأولى التي هي أم الفتن ، وهي السقيفة