أشد يريدون خلعه عن الخلافة ونصب خليفة يعيد لهم حقوقهم المهضومة والعدالة المحطمة وكتاب اللّه الذي تركت أحكامه وراء ظهره ، وسنن نبيه المنبوذة ، واقصاء عماله وولاته الطغاة المردة . وهو بالوقت نفسه يرسل مكاتيبه إلى ولاته لتجييش الجيوش وإغاثته مستصرخاً يريد اطفاء نور اللّه باسم الدين والقضاء على الصالحين بالطالحين ، ويحاول اقناعهم بالرضا ريثما تصله الإمدادات والعدد ، حتى إذا بلغ المتظلمين قرب وصول النجدة وان الخليفة يأبى التنازل ، لا من نفسه ، ولا من أحد من بني أمية ، وحتى من عبد من عبيده الذي رمى صحابياً عظيماً يريد وعظه فقتله ، وحيث وصل مروان وبنو أمية قرب وصول النجدة ، وهم الذين استمهلوا على لسان عثمان أهل المدينة والمحاصرين ثلاثة أيام للايفاء بالوعد ، بيد انما كانت هذه خدعة جمعوا بها عدتهم وعددهم من أرقاء الخمس وبني أمية الملتفين حول عثمان والأذناب الذين جرهم طمع الدنيا ومالها للالتفاف حوله ، الظانين بوصول الإمدادات وبدأوا القوة بالقوة والكلام بالسب والشتم وأبى عثمان العودة إلى نصحهم والابتعاد عن بني أمية ، وإذ وجد الصحابة والمتظلمون في المدينة والقادمون الخطر الداهم لم يجدوا بداً إلاّ بالاسراع إلى تنفيذ خطة تخلصهم من هذا الكيد المحدق بهم ، فكسروا باب بيته وأحرقوها ، وفتحوا باب أحد مجاوري داره وتسلقوا عليه الدار ، بعد أن وقعت المعركة ، بين بني أمية والناس وقتل من خيرة المناضلين ، وفرّ بنو أمية ، هاربين تاركين عثمان ونسوته ، وظل رغم كل ذلك لا ينفك عن سيرته ، بعد أن ألقى الفتنة ، بل الفتن ، وظلم وأقسى وقتل من قتل ، وأنهى الأمر جماعة يقودهم محمد بن أبي بكر ابن الخليفة الأول ، ذلك الذي رضى به أهل مصر والياً ، واضطر عثمان ليكتب له بذلك ونكث عهده بارسال رسالة سرية مع عبده ليصل قبل المصريين لابن أبي سرح ويقضي عليهم إذا عادوا إلى مصر ، وعندها لم يجدوا بداً وقد بلغ السيل الزبى ، فلا بد من قتل الرجل الذي