بتقدم طلحة لأن يكون يوماً ما خليفة ، وقد وجدت الجو مساعداً للدعوة إليه حتى بلغت من الاعتماد أنها تحرض ابن عباس حبر الأمة ، ومن أقطاب بني هاشم أن يستميل الناس لطلحة ونقلها من أمية إلى تيم . قال الطبري : لما خرج ابن عباس ( وهو أمير الحاج يقصد مكة وعلى بعد نحو سبعة أميال تقريباً ) مر بعائشة في الصلصل ( وهو موضع من نواحي المدينة ) فقالت : يا ابن عباس ! أنشدك اللّه فإنك قد أعطيت لساناً ازعيلاً أن تخذّل عن هذا الرجل وان تشكك في الناس ، فقد بانت لهم بصائرهم وأنهجت ورقعت لهم المنار ، وتجلبوا من البلدان لأمر قد جم ، وقد رأيت طلحة بن عبد اللّه قد اتخذ على بيوت الأموال والخزائن مفاتيح فان يلي يسير بسيرة ابن عمه أبي بكر رضي اللّه عنه . قال : قلت : يا أمّه ! لو حدث بالرجل حدث ما فزع الناس إلاّ إلى صاحبنا . فقالت : أيهاً عنك إني لست أريد مكابرتك ولا مجادلتك . وورد في شرح النهج نفس المعنى . وان عائشة يوم وصلت مكة أمرت بقبتها فضربت في المسجد الحرام ، وكانت تؤلب على عثمان . وقالت : إني أرى عثمان سيشأم قومه كما شأم أبو سفيان قومه في بدر . راجع بذلك أنساب البلاذري . هذا كله وأم المؤمنين لا تزال تترقب أخبار عثمان وما سيؤول إليه نتيجة الحصر ، حتى إذا علمت قتله ظلت تراقب بحرص شديد خبر تسنم ابن عمها طلحة منبر الخلافة . قال المدائني في كتاب الجمل : لما قتل عثمان كانت عائشة بمكة ، وبلغ قتله إليها وهي بشراق ، فلم تشك في أن طلحة هو صاحب الأمر ، وقالت : بعداً لنعثل وسحقاً . ايه ذا الأصيبع ! ( تعني طلحة ) ايه أبا شبل ! ايه يا ابن عم ! لكأني أنظر إلى إصبعه وهو يبايع له حثوا الإبل ودعدعوها . قال : وكان طلحة حين قتل عثمان أخذ مفاتيح بيت المال وأخذ نجائب كانت لعثمان في داره ، ثم فُسد أمره فدفعها إلى عليّ بن أبي طالب .