عثمان وهدده ، ولم يسكت عمرو من أن يجيب عثمان وظل يحرض عليه ، وأخص فيما يخص مصر ، وهناك في مصر ولابن العاص أعوانه ومساعديه الذين أثاروا ما أثاروا على عثمان ، ولم يكن قولهم وانتقادهم في عثمان وظلم عماله وسوء سلوكهم وإدارتهم واتباعهم الهوى وتركهم كتاب اللّه وسنّة نبيه ( صلى الله عليه وآله ) إلاّ حقيقة ، كأن لم يكن تهديد وتنديد عثمان بابن العاص من أنه لم يعامله بالشدة والحذر كابن الخطاب ، حتى تمادى ابن العاص في الظلم وكثرت الشكاوى عليه . فقد أصاب كل واحد الحقيقة في صاحبه ، كما دلت على ذلك النتائج والأخبار والحوادث . ولم ينكر ابن العاص أنه أشد المثيرين على عثمان وأنه من الداعين إلى قتله حتى قتل . وهذا ابن العاص الذي لم يترك خطيئة إلاّ نسبها لعثمان ، من تركه الحدود وأعماله الظالمة وانتقاده المر له ، وإذا به يبيع دنياه لمعاوية الفاجر الكافر المنافق ، مقابل حصوله على ولاية مصر . وهذا ابن العاص نفسه الذي يطري علياً ، ولكنه في الوقت نفسه يظهر له الحقد والحسد والبغض ، ويميل عنه إلى الفئة الباغية ، فئة معاوية وبني أمية . وهذا ابن العاص يهاجم معاوية يوم توليه الحكم واعتراضه عليه لقصديته الحلجلية فيهتك بها نفسه وبني أمية . ونحن اليوم إذا وقفنا أمام المذياع لدولتين متعاديتين نجد كل دولة تقدم نواقص الدولة الأخرى وتدلي بالاسناد والبراهين ، وأنت إذا أردت الوصول إلى الحقائق فما عليك إلاّ الاصغاء إلى المذياعين . كلما تجد ذلك في إذاعة ابن العاص وتشنيعه على عثمان ، وهو يظهر الحق إمام المسلمين ، ولكنه في الوقت يقوم وقام بأعمال يخجل من فضاعتها ذوي الضمائر والوجدان . وإني الآن أقدم لك المصادر والاسناد لترى هذا الصحابي كيف لا يأبه أن يطعن بعثمان ويتهم نفسه ويطري أعداءه . وتقدم الحقائق التي برهنت على سوء سيرة