الذي يرى فيه ضعف عثمان يجد تفسخ وتشتت الأمة الاسلامية وضعفها إمام هؤلاء الطغاة أخص منهم معاوية الذي استنجد به عثمان في أيام حصاره ، ولكنه تجاهل حتى قتل . ولا يشك أحد أن بني أمية وأخص منهم معاوية كانوا يدبرون الأمر لهم ، كما تنبأ بذلك الخليفة الثاني عمر بن الخطاب يوم أشار إلى معاوية أنه كسرى العرب ، وكان يدربه ويقدمه على غيره من ولاته حتى كان يوم اجتمع عنده أعضاء الشورى المدبرة بمكيدة لنقل السلطة إلى بني أمية بشكل لا تعدو عثمان وإن عدته فهناك معاوية بالمرصاد ، ولهذا حذر أفراد الشورى وهددهم بمعاوية وابن العاص من المخالفة ، ولم يكن تهديد عمر إلاّ لعليّ بعد أن شد عضد عثمان بعبد الرحمن وسعد بن أبي وقاص والباقين ضد علي وطلحة والزبير كما تشهد بذلك حرب الجمل . ولم يعزب عن ابن عباس حبر الأمة نفوذ بني أمية فلم يستطع أن يجاهر بأكثر مما جاهر به ، وهو يعلم أن بقي عثمان فبيده الأمر ، وإن قتل فمعاوية بالمرصاد . وكان يخشى توليته الأمر ويحذره ، وذلك ظاهر من قوله للإمام علي يوم أجمع الكل على بيعته وأراد أن يرسله إلى معاوية ويوليه ولاية الشام ، حيث قال له أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) : اذهب أنت إلى الشام فقد وليتكها ، فأجاب ابن عباس : أني أخشى معاوية أن يقتلني بعثمان أو يحبسني لقرابتي منك ، ولكن اكتب معي إلى معاوية فمنّه وعده . راجع بذلك تاريخ ابن كثير ج 7 ص 228 ، والكامل لابن الأثير ج 3 ص 83 . هكذا ترى بعد نظر ابن عباس وسعة بصيرته ، وقد حققت الأحداث ذلك . وثبت بما هدد معاوية ابن عباس بعد تولية الخلافة واتهمه بالاشتراك في قتل عثمان ، كما جاء في شرح ابن أبي الحديد ج 4 ص 58 . قوله في رسالة أرسلها له : لعمري لو قتلتك بعثمان رجوت أن يكون ذلك للّه رضا ، وأن يكون رأياً صواباً ،