إذا عيّر الطائي بالبخل مادر * وعيّر قساً بالفهاهة بأقل وقالت سهى للشمس أنت ضئيلة * وقال الدجى للصبح لونك حائل وطالت الأرض السماء تفاخراً * وفاخرت الشهب الحصى والجنادل فيا موت زر ان الحياة ذميمة * ويا نفس جدي ان دهرك هازل فهذا الخليفة مرجع الشكوى ومنه الشكوى : إلى الماء يسعى من يغص بلقمة * إلى أين يسعى من يغص بماء فماذا يعمل المسلمون في الشرق والغرب ، والكل يتضورون من خليفة وخلافة حاكتها له يد الشورى ، بل يد السقيفة لضرب أحباء اللّه ، وتسليط أعداء اللّه على دينه وأمة محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، وإقامة الفتن ، فهل ترى من ابن عباس إلا أن يوجز بأحسن من هذا الايجاز ، وخير الكلام ما قل ودل . ولم يستطع ابن عباس أن يجاهر لعدم رضاه من الخليفة بأعظم من هذا ، عن خليفة غافل عن شؤون الأمة ، ويحكمها كما يحكم النائم ، كما تفعل الأهواء بالنائم أن يعمل طبق غرائزه المجردة عن سلطة العقل والإرادة . ذلك المثل الذي ضربه أفلاطون لأتعس الحكام المسلطون على رقاب الشعب حين يقول : يعمل في يقظته ما يعمله النائم في رقدته مجرداً من سلطة العقل ومتحفزاً تحت تأثير الغرائز المكبوتة ، تقوده حيث شاءت وأنى أرادت دون يردعه عن طيشه رادع العلم والحكمة والمنطق السليم . وإليك كلمة أم المؤمنين عائشة التي تقدر مقام ابن عباس العلمي وحنكته ، فتخاطبه وهو أمير الحج في إحدى منازلها قالت : يا ابن عباس ! إن اللّه قد أتاك عقلاً وفهماً وبياناً فإياك أن ترد الناس عن هذا الطاغية . وإليك ما حكاه ابن أبي الحديد في شرحه والطبري في تاريخه : وكان ابن عباس من ذوي البصيرة ، ويرى تسلط بني أمية أخص منهم معاوية فهو في الوقت