في أمر عثمان واحدة من ثلاث . لأن كان ابن عفان ظالماً - كما كان يزعم - لقد كان ينبغي له أن يؤازر قاتليه أو ينابذ ناصريه ، ولأن كان مظلوماً ، لقد كان ينبغي له أن يكون من المنهنهين عنه والمعذرين فيه ، ولأن كان في شك من الخصلتين لقد كان ينبغي له أن يعتزله ويركد جانباً ويدع الناس معه . فما فعل واحدة من الثلاث ، وجاء بأمر لم يعرف بابه ولم تسلم معاذيره » . ولقد كان عثمان يشعر بتحريض طلحة عليه ويدعو اللّه أن يكفيه شره . فقد قال بشر بن سعيد كما جاء عن الطبري : حدثني عبد اللّه بن عباس بن أبي ربيعة قال : دخلت على عثمان فتحدث عنه ساعة فقال : يا بن عباس : تعال فأخذ بيدي فاسمعني كلام من على باب عثمان فسمعنا كلاماً . منهم من يقول : ما تنتظرون به ، ومنهم من يقول : انظروا عسى أن يراجع ، فبينا أنا وهو واقفان إذ مر طلحة بن عبد اللّه فوقف فقال : أين ابن عديس : فقيل : ها هو ذا ! ! فجاء ابن عديس فناجاه بشيء ثم رجع ابن عديس فقال لأصحابه : لا تتركوا أحد يدخل على هذا الرجل ولا يخرج من عنده ، قال : فقال عثمان : هذا ما أمر به طلحة بن عبد اللّه ، ثم قال عثمان : اللّهم اكفني طلحة بن عبد اللّه ، فإنه حمل عليَّ هؤلاء والّبهم ، واللّه أني لأرجو أن يكون منها صفراً وأن يسفك دمه . وكان عثمان لا ينفك يقدم الأموال إلى طلحة فيها ، ومرة كان له على طلحة خمسون ألفاً فخرج عثمان يوماً إلى المسجد فقال له طلحة : قد تهيأ مالك فاقبضه فقال : هو لك يا أبا محمد معونة لك على مروءتك . وبينما كان طلحة أشد الناس عليه ، حتى كان يقول عثمان عن طلحة : ويلي على ابن الحضرمية ، أعطيه كذا وكذا ذهباً وهو يروم دمي ، يحرض على نفسي ، وكان يدعو على طلحة بقوله : اللّهم لا تمتعه به ولقه عواقب بغيه . راجع الطبري ج 5 ص 139 .