بصورة أكثر صرامة ، ومخالفته للنصوص صراحة ، كما مر في الكتاب الرابع من الموسوعة ، وبدأ يفضل العرب على العجم ، وبعض القبائل على أخرى ، وبعض الأفراد على البعض ، أفعالاً تناقض الأقوال . فهو بينما يقول بالفضل على الأسبقية والايمان وتقديم البدريين ثم الأحديين ثم الأحزاب والذين أبدوا جدارة وخدمة واصلاحاً أكثر للدين الاسلامي في عهد رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) وابعاد الطلقاء وأبنائهم والداخلين في الاسلام اكراهاً ، نراه عملاً يقدم هؤلاء على أولئك ، حتى بلغ به الحال أن يقول في معاوية : كسرى العرب ، ويقدم المغيرة الزاني ، فيعطيه إمارة الكوفة العظيمة عوض البصرة ، لأنه من أوتاد أنصاره الذين أعانوه على نقل الخلافة وغصبها . ورغم ذلك فلا ترى أبا بكر وعمر يستأثر الأول ببني تيم في الأمور على إدارة الدولة أو تقديم الأموال ، ولا الثاني يستأثر على تقديم بني عدي ، مهما كانت الأسباب والظروف ، الأنهم عصبة ضئيلة أو ما كان الخليفتين يجدون فيهم الأهلية ووضع الثقة ، وهي الحقيقة ، بل كلما نجده أنهم قدموا أشد أنداد بني هاشم وهم بني أمية والبوهم وسلطوهم وجهزوهم للمستقبل ، وكل ذلك بصورة حكيمة مدبرة ، وهم لهم القدرة على المبادرة والقبض على زمام الأمور في حياتهم . حتى إذا جاء عثمان وحفته بنو أمية ، ظهرت جميع النوايا والخبايا التي وضع أساسها الأول والثاني ، وأتت كلها في عهد عثمان ، وعوض أن يتقلد عثمان الأمور بحكمة وصلابة وسهر ، وإذا به ألعوبة بيد مروان وأبيه وبني معيط وبني أمية ومسيّر لأبي سفيان وابنه ، وإذا به يجاهر بمخالفته أحكام اللّه وسنن نبيه ، ولا يرعوي للبقية الباقية من أوتاد الاسلام وصحابة رسول اللّه وعترته ، وحتى للرجل الأول بعد رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) علي بن أبي طالب ، الذي جاهر كراراً عمر بفضله وقوله : عجزت النساء أن يلدن مثل ابن أبي طالب ، ولولا علي لهلك عمر ،