وهذا علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أخو رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) ووصيه وباب علمه وأبو ذريته لا ينفك يقدم له النصيحة بعد النصيحة والتحذير بعد التحذير ، وكلما عمل خطيئة أردفها بخطايا ، وكلما أصلح فاسداً اتبعها بمفاسد ، وهو يرى تبذير عثمان بمال المسلمين ، ويرى بأم عينيه الإشادة بأبناء الطلقاء والملاعين وطرداء رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) وتسلّطهم على رقاب الناس ، دون أن يعي أو يحذر من العاقبة . وهذا مروان وأبوه - طرداء رسول اللّه الملعونين على لسان نبيه - وزرائه ومشاوريه . وهذا معاوية - الطليق الفاسق الملعون - وابن أبي السرح - المهدور الدم - واضرابهم ولاته . وهذا فعله بصحابة رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) أمثال أبي ذر وعمار ، وذلك تطاوله على إمامه وسيده أبو العترة الطاهرة الفارق بين الحق والباطل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فيقابله ويزجره من أجل مروان وبالتالي ينفيه إلى ينبع مراراً ، وحينما يحتاجه يستدعيه ويعود ينفيه [1] .
[1] العقد الفريد 2 : 274 ، ونهج البلاغة 1 : 468 ، قال عثمان لابن عباس : اكفني ابن عمك . وقال ابن عباس : ابن عمي ليس بالرجل يرى له ، ولكنه يرى لنفسه ، فأرسلني إليه بما أحببت ، قال : قل له : فليخرج إلى ماله بالينبع ، فلا اغتم به ولا يغتم بي ، فأتى علياً فأخبره ، فقال : ما اتخذني عثمان إلاّ ناضحاً ، ثم أنشد يقول : فكيف به اني أداوي جراحه * فيدوى فلا مل الدواء ولا الداء وقال : يا بن عباس ! ما يريد عثمان إلاّ أن يجعلني جملاً ناضحاً بالقرب اقبل وأدبر ، بعث إليّ أن أخرج ، ثم بعث إليّ أن أقدم ، ثم هو الآن يبعث إليّ أن أخرج ، واللّه لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون أثماً .