ذلك ، فأتوا علياً فقالوا : لو اعتذرت إلى مروان وأتيته ، فقال : كلا أما مروان فلا آتيه ، ولا أعتذر منه ، ولكن إن أحب عثمان أتيته . فرجعوا إلى عثمان فأخبروه ، فأرسل عثمان إليه فأتاه ومعه بنو هاشم . فتكلم علي ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثم قال : أما ما وجدت عليّ فيه من كلام أبي ذر ووداعه فواللّه ما أردت مساءتك ولا الخلاف عليك ، ولكن أردت به قضاء حقّه ، وأما مروان فإنه اعترض يريد ردّي عن قضاء حق اللّه عز وجل فرددته رد منع مثله ، وأما ما كان مني إليك فإنك أغضبتني فأخرج الغضب مني ما لم أرده . فتكلم عثمان فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال : أما ما كان منك إليّ فقد وهبته لك ، وأما ما كان منك إلى مروان فقد عفى اللّه عنك ، وأما ما حلفت عليه فأنت البر الصادق فادن يدك فأخذ يده فضمها إلى صدره ، فلما نهض قالت قريش وبنو أمية لمروان : أأنت رجل جبهك علي وضرب راحلتك ! وقد تفانت وائل في ضرع ناقة ، وذبيان وعبس في لطمة فرس ، والأوس والخزرج في نسعة ( النسعة حبل عريض طويل تشد به الرحال ) أفتحمل لعليٍّ ما أتاه إليك ؟ فقال مروان : واللّه لو أردت لما قدرت عليه . ومن ينكر على أبي ذر أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وصبره في ذات اللّه أمام نكايات عثمان وأعماله وأعمال عماله ؟ ! وهو يرى بني أمية وعلى رأسهم عثمان يخضمون مال اللّه وحق الناس خضمة الإبل نبتة الربيع [1] ، وقد اتخذوا عباد اللّه خولاً وماله دولاً ودينه دغلاً [2] . وترى عثمان يقرّب أبناء الطلقاء الكفرة الفجرة أمثال أبي سفيان ، الذي
[1] من الخطبة الشقشقية في نهج البلاغة . [2] مر ذكره باسناده أنه متى بلغ بنو أمية ثلاثون رجلاً اتخذوا عباد اللّه خولاً . . . الخ .