المدينة على تلك الحال وكاد يتلف ، قيل له : إنك تموت ، فقال : هيهات لن أموت حتى أنفى وذكر جوامع ما نزل به بعد ، ومن يتولى دفنه ، فأحسن إليه في داره أياماً ثم دخل إليه ( إلى عثمان ) فجلس على ركبتيه وتكلم بأشياء وذكر الخبر في ولد أبي العاص [1] : إذا بلغوا ثلاثين رجلاً اتخذوا عباد اللّه خولاً ومال اللّه دولاً ودين اللّه دغلاً . ومر في الخبر بطوله وتكلم بكلام كثير . وكان في ذلك اليوم قد أتى عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري ( وهو أحد أعضاء الشورى الذي هو صهر عثمان ، وقد انحاز إلى عثمان هو وصهر عمر بن سعد فانتخبوه ) من المال فنضت البدر حتى حالت بين عثمان وبين الرجل القائم ، فقال عثمان : إني لأرجو لعبد الرحمن خيراً لأنه كان يتصدق ويقري الضيف وترك ما ترون فقال كعب الأحبار : صدقت يا أمير المؤمنين ، فشال أبو ذر العصا وضرب بها رأس كعب ولم يشغله ما كان فيه من الألم ، وقال : يا ابن اليهودي : تقول لرجل مات وترك هذا المال ان اللّه أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة وتقطع على اللّه بذلك ، وأنا سمعت رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ما يسرني أن أموت وأدع ما يزن قيراطاً . فقال له عثمان : وارعنّي وجهك : فقال أسير إلى مكّة . قال : لا واللّه . قال : فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت ، قال : أي واللّه . قال : فإلى الشام . قال : لا واللّه . قال : البصرة . قال : لا واللّه فاختر غير هذه البلدان . قال : لا واللّه ما اختار غير ما ذكرت لك ولو تركتني في دار هجرتي ما أردت شيئاً من البلدان ، فسيرني حيث شئت من البلاد . قال : فإني مسيرك إلى الربذة . قال : اللّه أكبر صدق رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) قد أخبرني بكل ما أنا لاق . قال عثمان : وما قال لك ؟ قال أخبرني بأني امنع عن مكة والمدينة وأموت