وصادقاً يكذب واثرة بغير تقى ، وصالحاً مستأثراً عليه . ويحاول معاوية كعادته ارشاء ذوي المطامع وصم آذانه وسد فمهم بالرشوة والعطايا من مال اللّه ومال المستحقين من المسلمين ، فيرسل إلى أبي ذر العطايا ، فيأبى أخذها ، وإن أخذها أنفقها على مستحقيها بنفس اليوم ، وهو يدري ما يريد معاوية وماذا يعمل ويسرق ، وينبه ويتلو على مسمع منه الآيات التي يخالفها معاوية وابن عمه عثمان ، الآية ( 34 ) من سورة التوبة : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ) وغيرها التي سيرد ذكرها . تلك التي يريد بها عثمان ومن كال له من أموال المسلمين وجمعوها وكنزوها . فيكيد له معاوية بارساله له مالاً ويأتيه بعد يوم يطالبه به كونه أرسله خطأً فيراه قد أنفقه . وعندها يمنع الناس من التقرب إليه ، فيراه لا يجديه نفعاً ، بل يزيد إلى أعماله المنكرة ، فيشكوه إلى عثمان ، ويعلن خطره عليه ، فيطلب ارساله على قتب ، فيحمله هذا على قتب بقيادة خمسة من الصقالبة الأشداء ، يسوقونه دون رحمة وهوادة إلى المدينة بسرعة خاطفة ، حتى تسلخت لحوم افخاذه وكاد يموت ( 1 ) . هكذا أطاع معاوية هو الكائد المتشفي كلام عثمان حين قال له : أما بعد فأحمل جندباً إليّ على أغلظ مركب وأوعره ، فوجّه معاوية من سار به الليل والنهار . هكذا جاء في أنساب البلاذري ومذ قابل عثمان في المدينة خاطبه قائلاً : تستعمل الصبيان وتحمي الحمى ، وتقرب أولاد الطلقاء . فنفاه إلى الربذة ولم يزل بها حتى مات . وذكر المسعودي في مروج الذهب أن أبا ذر حينما أرسله من الشام إلى