فإذا به يرى ويسمع ما حذر به الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ومنعه كتاب اللّه ، وخالف سنن نبيه ، يرى بني أمية وعلى رأسهم عثمان يسلّط على رقاب المسلمين الملعونين وطرداء رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) والطلقاء وأبناء الطلقاء ، الذين يكنون الكفر والفسق والالحاد والبغض لكتاب اللّه ورسوله وسننه ويخالفون بجميع أعمالهم كتاب اللّه ، يستبيحون أموال المسلمين في أعمالهم المزرية ، ويكنزون الذهب والفضة ، والصحابة الغيارى وعامة المسلمين في ضنك من العيش . فذاك معاوية في الشام يتصرف بالصدقات والخمس والفيء تصرف المالك فيبني بمسمع ومرأى من أبي ذر الخضراء ، ويعمل ما يشاء دون تمسك بكتاب أو سنّة . وهؤلاء ولاة عثمان في العراق أحدهم يشرب الخمر ويستنزف بيت المال ويصلي بالناس سكراناً . وذلك في مصر يسلب المسلمين جميعاً الخمس الحاصل من شمال إفريقيا . وهذا عثمان يكيل لهم ولمن ساندهم ما شاء دون أن يرقب إلاًّ أو ذمة . فيرى أبا ذر القيام بالجهار الشرعي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صدعاً بأمر اللّه ، كما جاء في كتابه الحكيم : ( ولتكن منكم أمةٌ يدعونَ إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) . الآية ( 104 ) من سورة آل عمران . وهو في حيرة من أمره يرى كيف دالت دولة الاسلام ، فيقول لعثمان : إني سمعت رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) يقول : إذا بلغ البناء سلعاً فالهرب ، فيطلب منهن الإذن بالذهاب إلى الشام للغزو هناك فيأذن له . ولما وصل ورأى أعمال معاوية المنكرة وأخذ يستنكرها ويجاهر أمام المسلمين قائلاً : واللّه لقد حدثت أعمال ما أعرفها ، واللّه ما هي في كتاب اللّه ولا سنّة نبيه ، واللّه اني لأرى حقاً يطفأ وباطلاً يحيى ،