يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) دون أن تأخذه في اللّه لومة لائم أو خشية الجبابرة والظالمين . كان لعبث عثمان وبني أمية وجماعات من الذين أغدق عليهم عثمان من أموال بيوت مال المسلمين بدون حساب ، أمثال عبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير والحكم ومروان وابن أبي سرح واضرابهم ، المار ذكرهم ، وتلاعب ولاته من بني أمية وبني العاص بأموال المسلمين دون رعاية كتاب اللّه وسنن رسوله ، على مشهد ومرأى من أجل الصحابة وأتقاهم ، ومرأى من الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ومصارحة الكثيرين لعثمان في ذلك ، واسداء النصائح له دون جدوى مما أوغر النفوس وأهاب الضمائر المستنكرة ، فكان يقابل كل معترض على عثمان بالإهانة والزجر والتبعيد والتنكيل . وممن نال ذلك كثيرون ، منهم العبد الصالح والصحابي العظيم أبو ذر الغفاري . وقد كان يرى من واجبه الديني اعلام الحقائق للأمة بما يراه من مخالفة هؤلاء للكتاب والسنّة وفضح أعمالهم المنكرة بعد أن نصح وأرشد فلم يجد إذناً واعية ، فكان يذكرهم بكتاب اللّه ويتلو آياته المحكمات الرادعة من تبذير الأموال في غير محلها ، وكنزهم الذهب والفضة ، وفي الأمة المحرومون والجياع والمعوزين من خيار آل البيت والصحابة ، أمثال عقيل بن أبي طالب ، الذي هدت كاهله الديون ، فكان أبو ذر يتلو الآية ( 34 ) من سورة التوبة : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل اللّه فبشرهم بعذاب أليم ) والآية ( 35 ) : ( يوم يُحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جبابهم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ) . وأمثال تلك الآيات والاعتراضات في الشام على مسمع من معاوية وفي المدينة على مسمع من عثمان ومروان وباقي آل أبي العاص وبني أمية . وهم يجدون كيف يثير كلامه الوعي في النفوس الغافلة ويهيب الضمائر الناقدة عليهم