لذا نجد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وأعدل وأعلم وأقضى أمة محمد ( صلى الله عليه وآله ) وأخيه ووصيه الذي ألقى الخطبة الشقشقية ، التي ذكرنا ما كان يخص عثمان ، يقوم في اليوم الثاني من خلافته خاطباً ، عن ابن عباس رفعها الكلبي عنه ، ان علياً خطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة فقال : « ألا ان كل قطيعة أقطعها عثمان ، وكل مال أعطاه من مال اللّه فهو مردود في بيت المال ، فان الحق القديم لا يبطله شيء ، ولو وجدته قد تزوج به النساء وفرق في البلدان ، لرددته إلى حاله ، فان في العدل سعة ومن ضاق عنه الحق فالجور عنه أضيق » . وبدأ بما اغتصبه عثمان نفسه واستحوذ عليه من بيت المال من مال وسلاح وعقار من مال الصدقات حتى السيف والدرع . فكانت هذه الخطبة انذاراً لعاصفة كبيرة من الولولة على من سلب تلك الحقوق من آل أمية وأشياعهم وطلحة والزبير وأضرابهم ، فقد وجدوا أن الخطر يداهمهم ، وانقلب عليهم كيدهم . وليس لهم سوى إقامة الفتن . وعندها اجتمع الخصوم فيما بينهم دفاعاً عما سلبوه ، فكانت نتائجهم حروب الجمل وصفين والنهروان ، ولولا الغدر المداهم لابن أبي طالب سلام اللّه عليه لأعاد الحق إلى نصابه ، وسار بالمسلمين إلى الصراط المستقيم . فلعن اللّه ابن ملجم أشقى الأشقياء ، ولعن اللّه من دعى إلى الباطل وحارب الحق ، واللّه لهم يوم الحساب . وكان لخطبة الإمام علي ( عليه السلام ) تلك أثرها العظيم من الفزع ، حتى نرى عمرو بن العاص وهو من أعداء عمثان الذي نزعه من ولاية مصر ومن المؤلبين عليه بيد يعرف أنه لا مغنم له عند علي ( عليه السلام ) ، فيبدأ بالمكائد والفتن فيرسل لمعاوية ، وهو أي عمرو ابن العاص كان يقيم بابلة من أرض الشام : ايه معاوية ما كنت صانعاً فاصنع إذ قشرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه كما تقشر العصا لحاها .