والأنانية ، كما عمل عثمان . وأما عمر فقد كان معروفاً بالغلضة والشدة ، ولكنه عرف من أين تؤكل الكتف ، فهو يستشير علياً فيما لا يضر بمصالحه وينفعه ، ويبعده في ما يضر بسياسته . ولو صح أنه يستشير علياً لما قرب ابن العاص ، ولا معاوية الفاجر الفاسق الكافر عدو اللّه وعدو رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولا المغيرة بن شعبة الفاجر الزاني . نعم قدّم هؤلاء ، وقدّم معهم مثل سعد بن أبي وقاص ، وعمار بن ياسر ، وسلمان الفارسي ، واضرابهم ، فخلط الصالح والطالح . وهو فوقهم يسيّر سياسته في الحط من آل البيت ( عليهم السلام ) ، وتقريب أعدائهم ، وقد بلغ أواخر أيامه من السطوة والقدرة أنه يصعد المنبر ، منبر رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) فيجاهر غير هياب ، ويقول : متعتان كانتا على عهد رسول اللّه حلالاً وأنا محرمهما ، وما هي المتعتان ؟ هي نصوص قرآنية في كتاب اللّه ، وهي نعمة من اللّه لأمة محمد ( صلى الله عليه وآله ) وعمل بهما النبي الكريم ( صلى الله عليه وآله ) وبعده أبو بكر ، فما حدى بعمر يجاهر بهذا دون أن يذكر عذراً . وقر مر شرح ذلك ، ومخالفات كثيرة منه في النصوص والسنّة ، ورغم ذلك فان عثمان ضرب كتاب اللّه وسنّة نبيّه ( صلى الله عليه وآله ) ، وسيرة الشيخين ، عرض الحائط ، وجاء كما جاء في شرح نهج البلاغة في الخطبة الشقشقية قول الإمام علي ( عليه السلام ) : « إلى أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال اللّه خضمة الإبل نبتة الربيع » . ولم يترك حتى للظواهر التي كانت تضفو على الشيخين ما يغطي به فعاله وإذا به يعزل سعد بن أبي وقاص الذي هو صهر صهره ، والذي هو أحد أعضاء الشورى الذي سبب انتخابه ، والذي يعتبر الصحابة البارزين ، والذي فتح على يده العراق وإيران ، والذي كبت الكوفة في زمن عمر ، وجعله عمرٌ والياً عليها .