لعمر بكتابة العهد له قبل أن يدلي بذلك أبو بكر صراحة وأي ثقة أعظم من هذه التي قدمها عثمان لعمر ، ومنذ ذلك اليوم زادت بينهما أواصر المحبة والثقة وزاد ذلك الشعور المتقابل من الحسد والحقد المولود للبيت النبوي بين عائشة وحزبها ضد علي وفاطمة وذويهم ، مما قرّب بين عثمان وبينهم نساءً ورجالاً والتف بنو أمية حول أبي بكر وعمر وعثمان مؤيدين إياهم حتى بلغ الأمر أن عمر يشاطر جميع عماله أموالهم سوى معاوية وإن شاطره فهي مشاطرة صورية . ويقول عمر في معاوية أنه كسرى العرب وماذا يعني بكلمته هذه إلاّ لما وجد فيه من حب السلطة والبذخ والتظاهر بمظهر الملك وقد عرف آل أمية كيف يبدون ولاءهم لعمر ويخدمون أفكاره في الداخل ويدركون أسراره بواسطة عثمان . وفي الخارج بسبب معاوية وذويه حتى إذا طعن الخليفة الثاني بيد أبي لؤلؤة كما مر في كتاب عمر الجلد الرابع من الموسوعة وإذا بعمر الذي لم يكمل مشروعاته ونواياه يكشّر في هذه الآونة الضيقة عن أنيابه ويشكّل الشورى على تلك الشاكلة التي لا تجد فيها سوى ضربته القاصمة النهائية على آل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) باعطاء الأمر إلى أضدادهم وأشدهم حباً للدنيا وبعداً عن الدين ، ولو استطاع لأعطاها إلى معاوية ، ولكنه قدمها لعثمان وهو يعرف حبه لبني أمية وانصياعه لكبيرهم وصغيرهم وعطفه على نسائهم ورجالهم . وإذا بأم حبيبة من النساء المقربة المطاعة وبنو أمية بيدهم الأمر والنهي كما سيأتي ذكره . ولقد هيأها عمر لبني أمية وأخص منهم معاوية بعد أن حذر علياً مغبة المخالفة في الشورى وبعد أن ربط عثمان بعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص صهره وصهر صهره وقال كلمتين أثبت بها ملك بني أمية : أولها : لا تختلفوا فإن معاوية وعمرو بن العاص لكم بالمرصاد . والثانية : قوله : إذا تساوت الآراء في الشورى فمن معه عبد الرحمن هو الفائز ، ومن خالف فاضربوا عنقه .