هذا الرجل الكريم الشجاع المجاهد والذي فقد في سبيل جهاده للاسلام في حرب اليرموك إحدى عينيه ، فكانت له مفخرة ، وكانت له دليلاً على كفاحه المجيد وذخراً لدنياه وآخرته . نعم يقوم فيقول : أنا شاهدت هلال شهر رمضان ، وقد جاء عن رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) : إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا [1] وما كان قول رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) إلاّ ما ورد في الكتاب بالنص قوله تعالى : ( فمَن شَهِد منكمُ الشهر فليصمهُ ) الآية ( 185 ) من سورة البقرة . ولكن تعال معي إلى جواب هذا الفاسق الجريء المستهتر ، وكيف يقابل شهادة الصحابي العظيم ويقول له مستحقراً إياه ، ومتجرياً عليه ، وهو يتقدمه سابقة الاسلام والدين والعلم والسن وكل مراحل الايمان من صلاة وصوم وزكاة وحج وجهاد ، نعم يقول له : بعينك هذه العوراء رأيته من بين القوم ؟ فقال هاشم : تعيرني بعيني ، وإنما فقئت في سبيل اللّه ؟ وقد افطر هاشم في بيته ، وغدّى الناس عنده ، فبلغ ذلك سعيداً فأرسل إليه فضربه وأحرق داره . فويل لهذا الصعلوك المتجاوز على الصحابة أولئك الذين تفتخر بهم الانسانية ودعاة الدين وفطاحل الاسلام . فويل له ولمن سلّطه على رقاب المسلمين ، ومن سلّط من سلّطه إلى يوم السقيفة وغصب خلافة المسلمين من أصحابها الشرعيين . فكانت هذه من إحدى المساوئ التي أهابت بالمسلمين لا في الكوفة ، بل في
[1] صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، وسنن أبي داود ، وسنن الدارمي ، وسنن النسائي ، وسنن ابن ماجة ، وسنن البيهقي .