العراق ، بل ومثلها في مصر وكافة الأقطار الاسلامية للوثبة وطلب الخليفة عن عزل ولاته من آل أمية . حتى أثبتوا خروجه عن الدين وقتلوه وكان كلما شكا أحدٌ لم يجد سوى التوبيخ من الخليفة وقوله لهم : كلما رأى أحدكم من أميره جفوة أرادنا أن نعزله . هذا وقد وجد صدق قولهم في سلفه الوليد السكير المتجاهر بالفسق . وهذا الآخر تجاوز حد الأشرار وبالغ بالاضرار يعثو بالصلحاء ، فيضرب ويهين ويحرق وينفي من شاء منهم إلى ابن عمه الكافر الفاجر الآخر معاوية بن أبي سفيان في الشام ، راجع بذلك أنساب البلاذري . نعم نفى أجلّ قرّاء الكوفة وأخيارها إلى الشام سنة 33 ه واضطرب الناس وحاروا في أمرهم ، حتى جاءت سنة 34 فعاد جماعة أخرى من خيرة الصحابة والتابعين للشكوى والتذمر من الكوفة قاصدين عثمان وقد تبعهم سعيد ، وبين هؤلاء الشكاة مالك الأشتر بن الحارث ، ويزيد بن مكفّف ، وكميل بن زياد ، وثابت ابن قيس ، وزيد بن صوحان ، وأخوه صعصة بن صوحان ، والحارث الأعور ، وجندب بن زهير ، وأصغر بن قيس الحارثي ، وأبو زينب الأزدي ، يرجون ويطالبون عزل سعيد ، فأبى ، وطردهم ، وطلب إلى سعيد العودة إلى مقر ولايته ، وهو يحمل معه في هذه المرة قدرة وبغضاً لهؤلاء ، وغيرهم للنكاية بهم بأمر الخليفة . فاضطر القوم قافلين قبله إلى الكوفة . واحتلوها ودخلها بعدهم فمنعه الأشتر وقد هيّأ جيشاً يمنعه من دخول الكوفة وردوه إلى عثمان ، وكانت هذه بداية العاصفة التي يأتي تفصيلها . هذه سيرة الخليفة الذي جاء بعده بنو أمية ويتقدمهم الطاغية المنافق معاوية ويلبس أعمال عثمان الهيبة والجلال ويلبسه ثوب الشهادة والقداسة ، ويلقي اللوم على المناضلين والصحابة الأخيار البررة والمظلومين من يد الطغاة الفجرة من آل أمية وآل بني معيط .