لم يكن وحيداً . والأنبياء أرق الناس طبعاً ، وأرهف حساً وأكثر حناناً وعطفاً . . ومن الواضح : أن هذا الحب العارم ، وذلك التعلق الشديد سيكون حافزاً إلى بذل عناية أكبر في تربيته تربية صالحة ، ومراقبة كل حركاته وسكناته ، وتوجيهها بالاتجاه الصحيح والسليم . . فإذا كان هذا المربي هو أعظم الأنبياء وأفضلهم - بعد نبينا محمد ( صلى الله عليه وآله ) - وكان الطفل هو إسماعيل ( عليه السلام ) الذي كانت طفولته طفولة نبي ، وهي أرقى وأكمل وأنبل وأفضل طفولة . . فإن تجسد معاني النبل والفضل والكمال الفائق فيه ، سيزيد من حب إبراهيم ( عليه السلام ) له ، لأن إبراهيم ( عليه السلام ) هو أفضل من يدرك بعمق وبوعي قيمة تلك الميزات والخصائص ، ويعرف آثارها . . وهو أكثر الناس حباً لها ، وانجذاباً إليها ، وتفاعلاً معها ، وتفانياً في سبيلها ، وقد نذر نفسه ، وكل وجوده وحياته بالدعوة إليها وإيجادها ، ونشرها وترسيخها في الناس ، ولتكون هي وعيهم ، وفكرهم وحياتهم وسلوكهم ، وممارستهم ، وكل وجودهم . ثم إن الإنسان يحب ثمرات جهده ، ويميل إليها مهما كان حجمها ونوعها . . وخلاصة القول : أن الإنسان العادي يحب تلك الصفات ، وينجذب إليها ، فكيف بالنبي ، وكيف بشيخ الأنبياء ، وأفضلهم بعد النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) . . وها هي تتجسد بأجلى وأتم مظاهرها بولده الوحيد الذي جاءه بعد أن طعن أبوه في السن ، وكبر ذلك الولد أمام عيني أبيه ، الشيخ الكبير ، فلا غرو في أن تبلغ محبته له أعلى الدرجات ، وأقصى الغايات . .