11 - وبعد ذلك كله ، إن هذه المرأة لا تواجه رجلاً كسائر الرجال ، بل تواجه رجلاً عُرف بالحنكة ، والدهاء ، والذكاء . فكما كان عليها أن تواجه استكباره ، وسلطانه ، وبغيه ، وكل إرهابه ، وإغرائه ، فقد كان عليها أيضاً أن تواجه مكره ، وأحابيله ، وتزويره ، وأساليبه الذكية الخداعة ، وهو الذي استخف قومه فأطاعوه . وقد ظهرت بعض فصول هذا الكيد والمكر في الحوار الذي سجله الله سبحانه له مع موسى ( عليه السلام ) ، ومع السحرة الذين جاء بهم هو ، فآمنوا بإله موسى ( عليه السلام ) . خلاصة : كانت تلك بعض لمحات الواقع الذي واجهته امرأة فرعون ، التي هي من جنس البشر ، ومن لحم ودم ، لها ميولها ، وغرائزها ، وطموحاتها ، ومشاعرها ، وأحاسيسها . وقد واجهت رحمها الله كل هذا الواقع الصعب بصبر وثبات ، ولم تكن تملك إلا نفسها ، وقوى إرادتها ، وقويم وعيها ، الذي جعلها تدرك : أن ما يجري حولها هو خطأ ، وجريمة ، وانحراف وخزي ، فرفضت ذلك كله من موقع البصيرة والإيمان ، وواجهت كل وسائل الإغراء والقهر ، ولم تبال بحشود فرعون ، ولا بأمواله ، ولا بجاهه العريض ، ولا بزينته ومغرياته ، ولا بمكره وحيله وحبائله . . وطلبت من الله سبحانه وتعالى أن يهيئ لها سبل النجاة من فرعونية فرعون ، ومن أعمال فرعون ، ومن محيط القوم الظالمين . ولم يؤثر شيء من ذلك كله ، من البيئة والمحيط وغير ذلك ، في زعزعة