ثم قال السبكي : « وتوفي العاضد بعد ذلك في يوم عاشوراء بالقصر ، وجلس السلطان صلاح الدين بعد ذلك للعزاء وأغرب في الحزن والبكاء ، وتسلم القصر بما فيه من خزائن ودفائن وأموال لا تعد ولا تحصى وأمتعة ، استمر البيع فيها بعدما أهدى ووهب وأطلق وادخر ، عشر سنين . ويحكى أن صلاح الدين قال : لو علمت أن العاضد يموت بعد عشرة أيام ما قطعت خطبته ، وأنه قال : ما رأيت أكرم من العاضد ، أرسلت إليه مدة مقام الإفرنج على دمياط ، أطلب منه نفقة ، فأرسل إلي ألف ألف دينار مصرية ، نصفها خمس مائة ألف دينار ، غير الثياب والأمتعة . ثم أودع صلاح الدين أقارب العاضد السجن وقرر لهم النفقات . . . حكي أن العاضد رأى في منامه أن حية خرجت من مسجد معروف بمصر ، ولسعته ، فأرسل جماعة في صبيحة ليلته إلى ذلك المسجد فما رأوا فيه إلا شخصاً أعجمياً فقيراً ، فردوا إليه وقالوا : لم نرَ إلا فقيراً أعجمياً . وتكررت الرؤيا وهو يرسل فلا يرون إلا ذلك الأعجمي ، فقيل له : هذه أضغاث أحلام ، وكان الأعجمي هو الخبوشاني » . وفي تاريخ أبي الفدا : 3 / 48 : « لما فوض الأمر إلى صلاح الدين ، تاب عن شرب الخمر ، وأعرض عن أسباب اللهو » . ونحوه سير الذهبي : 21 / 282 .