الأرض مرحباً وأهلاً ، قد كنت من أحبُّ أن تمشي على ظهري ، فإذْ وليتُك فستعلم كيف صنيعي بك ، فيتسع له مدَّ البصر . وإن الكافر إذا دفن قالت له الأرض : لا مرحباً بك ولا أهلاً ، لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري ، فإذا وليتُك فستعلم كيف صنيعي بك ، فتضمُّه حتى تلتقي أضلاعه ! وإن المعيشة الضنك الَّتي حذَّر الله منها عدوه عذاب القبر أنه يسلَّط على الكافر في قبره تسعةً وتسعين تنيناً فينهشن لحمه ويكسرن عظمه ، ويترددن عليه كذلك إلى يوم البعث ، لو أن تنيناً منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعاً ! يا عباد الله ، إنّ أنفسكم الضعيفة ، وأجسادكم الناعمة الرقيقة الَّتي يكفيها اليسير ، تضعف عن هذا ، فإن استطعتم أن تجزعوا لأجسادكم وأنفسكم ممّا لا طاقة لكم ولا صبر لكم عليه ، فاعملوا بما أحبَّ الله واتركوا ما كره الله . يا عباد الله ، إن بعد البعث ما هو أشدُّ من القبر ، يومٌ يشيب فيه الصغير ، ويسكر فيه الكبير ، ويسقط فيه الجنين ، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت ، يوم عبوس قمطرير ، يوم كان شره مستطيراً . إن فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب لهم ، وترعد منه السبع الشداد ، والجبال الأوتاد ، والأرض المهاد ، وتنشق السماء فهي يومئذ واهية