وتصير وردة كالدهان ، وتكون الجبال كثيباً مهيلاً بعد ما كانت صُمّاً صِلاباً وينفخ في الصور فيفزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله . فكيف من عصى بالسمع والبصر واللسان واليد والرجل والفرج والبطن إن لم يغفر الله له ويرحمه من ذلك اليوم ، لأنه يقضي ويصير إلى غيره ، إلى نار قعرها بعيد ، وحرها شديد ، وشرابها صديد ، وعذابها جديد ، ومقامعها حديد . لا يفتر عذابها ، ولا يموت سكانها . دار ليس فيها رحمة ، ولا يسمع لأهلها دعوة . واعلموا يا عباد الله ، أن مع هذا رحمة الله التي لا تعجز عن العباد ، جنة عرضها كعرض السماء والأرض ، أعدت للمتقين ، خيرٌ لا يكون معها شرٌّ أبداً ، لذَّاتها لا تمل ، ومجتمعها لا يتفرق ، سكانها قد جاوروا الرحمن ، وقام بين أيديهم الغلمان ، بصحاف من الذهب فيها الفاكهة والريحان . ثم اعلم يا محمد بن أبي بكر ، أني قد وليتك أعظم أجنادي في نفسي : أهل مصر ، فإذْ وليتك ما وليتك من أمر الناس ، فأنت حقيق أن تخاف منه على نفسك ، وأن تحذر منه على دينك ، فإن استطعت أن لا تسخط ربك عز وجل برضا أحد من خلقه فافعل ، فإن في الله عز وجل خلفاً من غيره ، وليس في شئ سواه خلف منه .