وإن كان عدوَّاً لله فتحت له أبواب النار ، وشرع له طرقها ، ونظر إلى ما أعدّ الله له فيها فاستقبل كل مكروه ، وترك كل سرور . كل هذا يكون عند الموت وعنده يكون بيقين ، قال الله تعالى : الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . ويقول : الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ الله عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ . عباد الله إنّ الموت ليس منه فوت ، فاحذروا قبل وقوعه ، وأعدوا له عدته فإنكم طرداء الموت : إن أقمتم له أخذكم ، وإن فررتم منه أدرككم ، وهو ألزم لكم من ظلَّكم ، الموت معقود بنواصيكم ، والدنيا تُطوى خلفكم ، فأكثروا ذكر الموت عندما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات ، وكفى بالموت واعظاً . وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كثيراً ما يوصى أصحابه بذكر الموت فيقول : أكثروا ذكر الموت ، فإنه هادم اللذّات ، حائل بينكم وبين الشهوات . يا عباد الله ، ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت : القبر . فاحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته ، إن القبر يقول كل يوم : أنا بيت الغربة ، أنا بيت التراب ، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدُّود والهوام . والقبر روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار ، إن العبد المؤمن إذا دفن قالت له