responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين    جلد : 1  صفحه : 94


والحياة الاقتصادية والاجتماعية الرافهة . ان أكبر دليل على ذلك أن الاجتماعات العامة وحفلات الخطابة والاحتفالات في شتى المناسبات ، وخاصة منها ذكرى المولد النبوي السنوية التي كان يقيمها المنتدى ، كان يدعى إليها أبناء الترك من رجالات السياسة والأدب والاجتماع [1] وكان يتخلل الخطب المتبادلة بين الطرفين عواطف الود والإخاء والولاء للرابطة العثمانية كما كان يتخللها استعراض لماضي العرب الزاهر ومجدهم الوضاء [2] وبيان السبل المؤدية إلى تسهيل أمر التعليم الصحيح والثقافة القديمة للناشئة العربية ، ومن الأدلة أيضا المقالات الصحافية التي كان ينشرها كبار كتاب هذا المنتدى وفي مقدمتهم الدكتور عزت الجندي ، عضو هيئة الادارة فيه في الجرائد العربية ومنها المؤيد ، والأهرام . فالدكتور عزت الجندي ، حتى في أشد حملاته على الاتحاديين وفي وقت وصلت فيه الأفكار القومية بعد حرب البلقان إلى آخر انطلاق لها في نطاق الفترة التي أبحث فيها ، ليس عند العرب فقط بل عند العرب والترك على السواء ، لم يخرج عن الرابطة العثمانية ، وكل ما وصل إليه هو وكل من لف لفه من القوميين المتطرفين أنه قدم العروبة على كل شيء آخر قال : اننا عرب قبل كل شيء ، المسلم عربي ، والمسيحي عربي . . . و . . . أجل اننا عرب قبل أن نكون مسلمين ، والمسيحي عربي قبل أن يكون مسيحيا . . . و . . . و . . . وقد تركنا مسألة الديانات والعبادات إلى الجوامع والكنائس . فإذا كنا عربا قبل أن نكون مسلمين أو مسيحيين فباولى أن نكون عربا قبل أن نكون عثمانيين . . ولكنه لم يقل أننا عرب ولسنا عثمانيين ، فإذا كان عزت الجندي قال هذا في الشهر الرابع من عام 1913 فالأحرى به أن تكون لهجته أخف وارتباطه بالعثمانية أكثر قبل هذا التاريخ .
كان عبد الكريم الخليل لولب المنتدى الأدبي وألمع شخصية فيه ، كان شعلة من النشاط والذكاء نال شهادة الحقوق من مدرسة الحقوق بالاستانة في عام 1910 بدرجة التفوق . وقد وصفه جمال باشا في مذكراته عند ما جرت مفاوضات عام 1913 بين الطرفين لبحث مطالب العرب بقوله : « . . . فبرز لنا شخص قصير القامة يزيد عمره على الثلاثين ربيعا أسمر اللون ذو عينين واسعتين براقتين تدلان على الذكاء والاقدام هذا هو عبد الكريم الخليل . . . » . لقد أخلص عبد الكريم للقضية العربية وشب على حب العروبة وتمسك باهدافها وعرف السبيل الصحيح لإعلاء مجدها ، سبيل التعليم الصحيح والتربية القومية للناشئة العربية إذ كان يفضل سلوك البناء الاجتماعي إلى جانب البناء السياسي . تباحث عبد الكريم مع النواب العرب حول خطة مثلى تتعلق بإصلاح المدارس الابتدائية في دوائرهم فدعاهم إلى حفلة أقامها لهم في حزيران يونية سنة 1911 واقترح عليهم برنامجا يرمي إلى إنهاض البلاد العربية على دعامتين .
1 - توثيق عرى الإخاء بين العرب على اختلاف أجناسهم وأديانهم وعناصرهم وطوائفهم حتى لا يذكر الواحد منهم في السياسة والوطنية غير عربيته الشريفة .
2 - توحيد طرق التعليم في البلاد العربية حتى تتربى النفوس تربية واحدة ليسير جميع العرب في طريق واحدة وإلى غرض واحد .
فاستصوب النواب البرنامج الذي عرضه عليهم عبد الكريم وتعهدوا بتنفيذه بالتآزر مع المنتدى الأدبي بعد أن حفل الاجتماع بالخطب الحماسية الرنانة من الحاضرين . ولم يتوان رئيس المنتدى لحظة في العمل وسرعان ما شد رحال السفر إلى مصر وسائر الأقطار العربية يحمل المشروع الذي تضمن ما يلي بالتلخيص :
« ان يقسم كل نائب دائرة انتخابية إلى أقسام تؤلف في كل منها لجنة لتعميم التعليم الابتدائي . واخرى اختصاصية لترتيب برنامج لاصلاح هذه المدارس على أن تسلك خطة التوحيد ، وان يعقد النواب مؤتمرا عاما يحددون زمانه خلال السنة ذاتها 1911 يحضره مندوبون عن هذه اللجان لدراسة جميع البرامج ، الموضوعة واستخلاص برنامج واحد منها يكون دستورا للعمل في سائر البلاد العربية ، وان يبحث المؤتمر مسألة توحيد الكتب والتربية لإيجاد شعور واحد في نفوس طلاب جميع البلاد العربية وإنشاء مدرسة لتخريج المعلمين - دار للمعلمين بطريق الاعانات وقد تعهد المنتدى بتضحيات مادية وأدبية في سبيل تهيئة المعلمين لهذه الدار وبتطوع أعضاء المنتدى المثقفين للتدريس في المدارس علاوة على وظائفهم أو أعمالهم العادية » .
ولقد قوبل هذا البرنامج بالترحيب والارتياح في البلاد العربية وخاصة في مصر التي كانت أول من رحب به ونهض لمساعدته فتالفت لجنة فيها ضمت سبع عشرة شخصية كبرى من ابرزهم : احمد تيمور باشا ، محمد باشا الشريعي ، رفيق بك العظم ، الدكتور شبلي شميل ، إلخ ، للقيام به والعمل بموجبة .
في الواقع كان اهتمام المنتدى الأدبي منصبا إلى الناحية الاجتماعية والإصلاح الأساسي للنهوض بالأمة العربية من حيث الثقافة قبل كل شيء لتتبوأ مكانها اللائق في السلطنة العثمانية فكان بهذا الوصف عبارة عن معهد علمي وناد أدبي في آن واحد ، حيث كانت تعطى فيه الدروس الليلية وتعلم الطلاب اللغة التركية واللغات الأجنبية ويستفيدون من مكتبته الحافلة بالكتب العلمية في سائر فروع الثقافة إنما لم يقتصر الطلاب والمنتسبون إليه على هذا الأمر بل كانوا يتناقشون في المسائل الاجتماعية والوطنية التي تجري على مسرح السياسة في الاستانة وفي تقدير قيم الرجال وتفضيلهم بعضهم على بعض وانتقاد أقوال الجرائد والتنديد باعمال رجال السياسة ويبحثون في الأحزاب السياسية في مجلس الأمة وحقوق العرب ، ويعللون العلائق السياسية بين الدولة العثمانية ودول الغرب ، وفي ميزانية الدولة وغير ذلك من المواضيع .
فالمنتدى الأدبي كان أول مؤسسة تعهدت فكرة القومية العربية بعنايتها ورعتها منذ أول نشوئها وظهرت هذه الفكرة بنوع من الوضوح في أذهان أعضائها وفي أحاديثهم ومناقشاتهم ، ولكن في اطارها العثماني العام ، وتلمست طريقها الصحيح طريق العلم والمعرفة والثقافة ، ففي الخطاب الذي القاه عبد الكريم الخليل في الحفلة التي دعا إليها نواب العرب ، ترددت على



[1] كان ذلك بعد سنة 1912 بصورة خاصة إذ كان رجالات الاتحاديين كطلعت وجمال يحضرون الحفلات بعد أن جرى الاتفاق على حقوق العرب .
[2] كان من أروع هذه الحفلات حفلة افتتاح المنتدى في 8 - 2 - 1910 حيث حضرها رجالات العرب السياسيون في الاستانة وخطب بعضهم فيها ثم ألقى إحدى الشعراء العرب قصيدة رائعة جاء فيها : < شعر > وان تكن عربي الأصل لا كذبا قمت لا حياء مجد كان للعرب دع المجامع في لهو وفي طرب واجعل مقرك هذا المنتدى الأدبي < / شعر > واختتم الحفلة الموسيقى البارع وديع صبرا العربي اللبناني يعزف النشيد العربي الوطني على البيانو وكان قد لحنه بالاشتراك مع بعض طلبة العرب ثم ترنموا بنشيد وطني من تأليف الشاعر اللبناني حليم دموس .

94

نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين    جلد : 1  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست