responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين    جلد : 1  صفحه : 93


طلاب العرب في الاستانة من أبرزهم يوسف مخيبر ، سليمان حيدر من بعلبك ، ورفيق رزق سلوم من حمص ، سيف الدين الخطيب من دمشق ، أحمد خليل الحسيني من القدس ، وكان يضم بين جدرانه شبانا من جميع الأقطار العربية ، فترى السوري والعراقي واليماني والحجازي والبرقاوي والطرابلسي والفلسطيني جنبا إلى جنب يترنمون بذكر أمجاد العرب .
ثم يتحدث باطناب عن المنتدى الأدبي قائلا :
« هو الجمعية التي أحيت الروح القومي وبثت المبادىء السامية بين طبقات الشبيبة العربية في الاستانة وخارجها ، وكانت خطته الوحيدة نشر الدعوة للقضية القومية الوطنية ) » .
وقال الأستاذ مصطفى الشهابي الذي عاصر الحوادث وعاش في جوها « ان هذا النادي كان مباءة العروبة في عاصمة الدولة . ففيه كان الطلاب الجدد يتلقون ممن تقدمهم في الدراسة مبادئ القومية العربية ومراميها وفيه كانت تدرس وتناقش خطط الأتراك الاتحاديين الرامية إلى تسييد القومية التركية والقضاء على القوميات السائدة في الدولة . وكانت أهداف النادي القومية تبرز على الملأ فيما كان يلقى فيه من محاضرات وخطب وما كان يقام فيه من حفلات ، وما كان ينشر في مجلته من بحوث وقصائد ومقالات وأناشيد وطنية ، وما كان يدور فيه من أحاديث ومناقشات في الشؤون العربية سواء بين بعض أعضائه وبعض ، أو بينهم وبين زوار النادي الكثيرين من نواب وساسة وموظفين وجالية عربية مقيمة في العاصمة » .
لم يكن نشاط شبان العرب في تاسيسه مقتصرا عليهم فقط انما لقوا مؤازرة كبيرة من رجالات العرب السياسين في الاستانة وفي مقدمتهم خليل حمادة باشا وزير الأوقاف ، وعبد الحميد الزهراوي ، وشفيق المؤيد ، ورضا الصلح ، ورشيد رضا ، وحقي العظم ، ورفيق العظم ، والطبيب حسين حيدر وطالب النقيب وعزيز علي المصري ، وندرة مطران ، ونخلة مطران ، ورشدي الشمعة الذين كانوا يلقون الخطب أحيانا في احتفالاته .
كانت الفكرة التي وجهت عبد الكريم هي أن تكون قواعد المنتدى الأدبي مبنية على التربية الأساسية ورفع المستوي العلمي والأدبي والاجتماعي لخدمة الفكرة القومية العربية ، فوضع له منهاجا مفصلا عرضه على الشيخ رشيد رضا ، وكان يومئذ في الاستانة ، لاصلاح لغته ، ثم على وزير الأوقاف خليل حمادة باشا بغية تنقيح بنوده لاشتغاله في مثل هذه المؤسسات ولسعة اطلاعه وخبرته الكاملة . فرحب الوزير بهذا العمل الجليل وشجع القائمين به . وبعد أن درس المنهاج ونقح ما نقح منه وضع للنادي اسمه المعروف ، ووعد أن يخصص له سنويا معونة قدرها خمسمائة ليرة عثمانية من الأوقاف على أن يكون كمعهد علمي للشباب العربي تلقى فيه المحاضرات العلمية في الليل وتؤسس فيه مكتبة قيمة ، مع اتخاذ البعض من غرفه مأوى لأبناء العرب الذين لا تساعدهم حالتهم المالية على السكن في الفنادق وما ان اطلع المخلصون من رجالات العرب على تأسيس المنتدى حتى اندفعوا في مساعدته وتشجيعه فوضع شكري بك الحسيني محاسب وزارة المعارف ، وأحد أعضاء هيئة ادارة جمعية الإخاء العربي - العثماني المنحلة ، تحت تصرف النادي ستين ليرة عثمانية كانت باقية لديه من صندوق تلك الجمعية ، ثم سلمه كل ما كان للجمعية من أثاث ورياش وتلقى النادي عدا ذلك مساعدات مالية كبيرة من طالب النقيب ، وزميله أحمد الزهير من مبعوثي البصرة هذا فضلا عن كونه قد قام بتمثيل روايتي صلاح الدين الأيوبي ، وامرئ القيس ، وجمع من ريعهما مبالغ كبيرة أضيفت إلى المبالغ السابقة فتوفرت لديه القوة المالية للسير إلى الإمام .
لم يكن للمنتدى الأدبي صحيفة تخدم أغراضه في الفترة الأولى من تاسيسه ، إنما كان عبد الكريم الخليل يكتب هو وبعض زملائه في الجرائد العربية التي كانت تصدر في الاستانة كجريدة ( الحضارة ) لعبد الحميد الزهراوي والجرائد التي تصدر في سوريا والقاهرة وأراد أن ينشئ له مجلة خاصة به غير أنه عند ما رأى أنه قد صدرت مجلة باسم ( لسان العرب ) من قبل جمعية العلم الأخضر [1] ، بادارة وتحرير أحمد عزت الأعظمي سعى عبد الكريم الخليل أن تكون هذه المجلة ناطقة باسم المنتدى . وان يكون اسمها « المنتدى الأدبي » ، فكاد ان ينشب خلاف شديد وخطير بين الجمعيتين لو لا تدخل ذوي الرأي من الحكماء مثل الدكتور حسين حيدر ، وكان وطنيا غيورا جوادا كثير البذل ساعد المنتدى بمال وفير ، [2] وعبد الحميد الزهراوي ، وحلت المسألة في مصلحة المنتدى الأدبي .
لم يمض زمن على تأسيس المنتدى الأدبي حتى بلغ عدد من انضوى تحت لوائه ما يزيد عن 280 شابا وأديبا من أبناء العرب المقيمين في الاستانة ، وما يقرب من 500 شاب من طلاب المدارس العالية فيها ، من مختلف الأقطار ومختلف الأديان والمذاهب وفتحت له فروع في شتى أنحاء البلاد العربية وانتمى إليها آلاف من ابنائها . فقد كان له صدى قوي فيها ، كما كان رئيسه على اتصال بالحركات الوطنية وببوادر اليقظة القومية التي تعهدها النابهون من أبناء العرب في كل مكان ، وبالجمعيات الاصلاحية العربية في بيروت والبصرة وبحزب اللامركزية في مصر . وكان له أيضا باع طويل في عقد المؤتمر العربي الأول في باريس ، وباقطاب المعارضة العربية في مجلس المبعوثان وخاصة بممثليها من أمثال شفيق المؤيد ، وشكري العسلي ، وعبد الوهاب الانكليزي ، وعبد الحميد الزهراوي وغيرهم . وعلى قول الأمير مصطفى الشهابي : « كان المنتدى يطوي في جنبات أعضائه نزوعا إلى الأهداف القومية وراء الأهداف الأدبية الاجتماعية الظاهرية » .
على أن الذي لمسته من كل مطالعاتي المتعلقة بهذا البحث أن المسئولين في هذا المنتدى وخاصة منهم رئيسه عبد الكريم الخليل الذي أحرز رئاسته بالانتخاب من قبل الأعضاء المنتسبين اليه ، كانوا حريصين على الرابطة العثمانية والوفاق مع العنصر التركي . وان الفكرة التي كانت تسيطر على أبناء العرب المثقفين ثقافة عالية هي ضرورة احتفاظ كل قومية من القوميات العثمانية بطابعها المميز ولغتها وتقاليدها واحياء أمجادها وتنمية الشعور القومي فيها ضمن رابطة جامعة هي الرابطة العثمانية التي يجب أن يرفرف علمها على الجميع ، وان تنضوي القوميات تحت جناحيها في نظام ديمقراطي حر . وفي جو من الإخاء والمساواة الذي يهيأ لجميع العناصر والأديان العيش الهنيء الرغيد ،



[1] تاسست هذه الجمعية وكانت سرية في الاستانة بتاريخ أيلول 1912 من قبل الدكاترة إسماعيل الصفار وداود الدبوني وعدد من الشبان والضباط العراقيين والدمشقيين والفلسطينيين كمسلم بك العطار وأحمد عزت الأعظمي ومصطفى الحسيني وكثير من الطلبة بالمدارس العليا وكان القصد من تأسيسها تقوية الرابطة بين طلبة المدارس العليا وتوجيه جهودهم إلى انتشال أمتهم من الدرك المهين الذي وصلت إليه وكان اسم الجمعية يرمز إلى العلم النجدي الأخضر لأن أفكار العرب - حسب قول الأعظمي - كانت متجهة إلى ابن السعود والامام يحيى .
[2] حكم عليه جمال باشا فيما بعد بالنفي 7 سنوات إلى الأناضول حيث توفي هناك .

93

نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين    جلد : 1  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست