responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين    جلد : 1  صفحه : 262


تعتبر من أروع ما خلف الشعراء العرب من تراث شعري ملحمي ، ولا يتسع المجال هنا للافاضة في الحديث عنها ولكننا نكتفي بهذه الأبيات من قصيدة يخاطب فيها ابن هاني نقفور فوكاس بعد هزيمة اسطوله امام الاسطول الفاطمي :
< شعر > وبعثت بالاسطول يحمل عدة فاثابنا بالعدة الاسطول أدى إلينا ما جمعت موفرا ثم انثنى باليم وهو جفول ومضى يخف على الجنائب حمله ولقد يرى بالجيش وهو ثقيل < / شعر > ثم يموت بطل الحمدانيين بل بطل العرب في عصره سيف الدولة ، فيموت بموته عنفوان الدولة ، ولا يكون في خلفائه من له شيء من صفاته ، وتنهار الجبهة الشرقية امام البيزنطيين ، في حين ظلت الجبهة الغربية ، جبهة الفاطميين قوية عنيفة بتوالي الخلفاء الأقوياء ، وكانت قد بلغت في ذلك كل مبلغ بوصول الفاطميين إلى مصر والجزيرة العربية وبلاد الشام .
< فهرس الموضوعات > الشعر في معارك الظفر < / فهرس الموضوعات > الشعر في معارك الظفر من حسن حظ الأدب العربي ان قد رافق معارك الظفر التي قادها سيف الدولة الحمداني والمعز لدين الله الفاطمي شاعران عبقريان ، ولن نقول عن المتنبي شاعر سيف الدولة شيئا ، فهو مالئ الدنيا وشاغل الناس في عصره وفي كل العصور حتى هذا العصر . ولكن لا بد لنا من كلمات قصار عن الشاعر الآخر شاعر المعز : محمد بن هاني الأندلسي الذي بلغ من تفاخر مواطنيه به سواء في منبته بالأندلس أو في مهجره بشمال إفريقية ، ان سموه متنبي المغرب ، كما سموا بعد ذلك ابن زيدون : بحتري المغرب ، على عادتهم في محاولة مماشاة المشرق في كل شيء .
ولقد رأينا فيما تقدم نموذجا من شعر ابن هاني في وصف الاسطول ، وكل قصائده في وصف المعارك لا سيما البحرية منها على هذا النسق المتالق المتوثب ، حتى لقد كان جديرا بان يحمل اسم ( متنبي المغرب ) ، والموضوع الذي حلق فيه متنبي المشرق هو الموضوع الذي حلق فيه متنبي المغرب ، وهو المعارك الظافرة والبطولة العربية الهادرة .
وكانت شهرة ابن هاني قد امتدت إلى المشرق حتى وصلت إلى المتنبي نفسه ، وقيل ان المتنبي كان عازما بعد فراق سيف الدولة على التوجه إلى المغرب فلما بلغته قصيدة لابن هاني مطلعها :
< شعر > تقدم خطى أو تأخر خطى فان الشباب مشى القهقرى < / شعر > عدل عن عزمه وقال : لقد سد علينا ابن هاني طريق المغرب . ولم يحدد المؤرخون الذين رووا هذا القول زمن هذا العزم ، ولم يوضحوا هل كان قبل ذهابة إلى كافور أو بعد مفارقته له .
ومهما كان من امر فان القصة تدل على تهيب المتنبي من مجاورة ابن هاني .
ومن المؤسف ان الحياة لم تطل بابن هاني . فقد اغتيل وهو لم يتجاوز السادسة والثلاثين ، وكان اغتياله وهو يهم باللحاق بالمعز إلى القاهرة . ولقد خسر الشعر العربي خسارة كبرى بموت ابن هاني قبل ان يصل إلى مصر ، فلو وصلها ورافق المعز في حياته المصرية وما حفلت به من أمجاد لترك تراثا شعريا رائعا .
ولقد تالبت على ابن هاني قوى شتى عملت جاهدة على طمس اسمه وتشويه امره واخمال ذكره ، ولقد نجحت في ذلك إلى حد بعيد ، ولست الآن في صدد الإشارة إلى هذه القوى .
< فهرس الموضوعات > بعد المتنبي وابن هاني < / فهرس الموضوعات > بعد المتنبي وابن هاني رأينا فيما تقدم انهيار الدولة الحمدانية بعد سيف الدولة فتمهد الطريق امام البيزنطيين ليتقدموا في شمال بلاد الشام ويحتلوا فيه المدن ويبسطوا سيادتهم على اجزاء منه كما سيطروا على كيليكيا ، بل لقد غزوا شمال العراق وعبروا نهر دجلة . ولم يكن باستطاعة الفاطميين الأقوياء ان يعملوا شيئا على الجبهة المشرقية ، لان بينهم وبينها آمادا واسعة لا سلطة لهم عليها . ثم إذا بهم على أبواب المشرق ثم في صميم مصر . ثم جاءت الخطوات التالية فإذا بهم يوغلون في المشرق ثم يصبحون جزءا منه ، وإذا بهم وجها لوجه مع البيزنطيين في المشرق كما هم معهم في المغرب ، فجعلوا همهم الأول استرجاع ما استولى عليه البيزنطيون من المدن الشامية . وحاولوا أول الأمر اجلاء البيزنطيين عن انطاكية التي كان قد استولى عليها نقفور فوكاس سنة 358 ه‌ ( [ 2969 ] 969 م ) ، ولكن القوى البيزنطية كانت أكثر كثافة مما قدرت مخابرات الفاطميين وكانت تفوق قواتهم عددا واعدادا ، فان البيزنطيين عرفوا خطورة سقوط انطاكية فضلا عن انها مدينة البطاركة والقديسين ، لذلك اعتبرت منافسة بيزنطية من الناحية الدينية لهذا حشدوا للدفاع عنها قوى لم تكن في تقدير الفاطميين ، ففشل الجيش الفاطمي في استردادها ، واغتنم الامبراطور البيزنطي حنازيمسكس هذا الفشل وتقدم بجيوشه سنة 975 من انطاكية إلى حمص ومنها إلى بعلبك ، وخافت دمشق مغبة مقاومته فخضعت ودفعت له الجزية ، كما سلمت له طبريا وقيسارية ، وكان مصمما على الوصول إلى القدس ، وهكذا يكون هذا الامبراطور البيزنطي ثاني من يفكر من أباطرة بيزنطية ، في استرجاع القدس من المسلمين ، بعد المفكر الأول نقفور فوكاس الثاني ، وهكذا تكون بيزنطية قد سبقت الصليبيين في التخطيط للنفاذ إلى القدس .
ويبدو جليا من استعراض الأحداث ان الفاطميين أدركوا نية حنازيمسكس وصمدوا له فتراجع عن محاولة الوصول إلى القدس وحول هدفه فاتجه إلى الساحل اللبناني مغتنما فرصة حشد الجيوش الفاطمية في طريق القدس ، فاستطاع الاستيلاء على صيدا وبيروت ، ثم اتجه إلى طرابلس . وهكذا نرانا ونحن نقص هذا القصص ، قد صرنا في صميم التاريخ اللبناني ، وان ما نقصه هو جزء من تاريخ هذا البلد الجريح .
لم يغفل الفاطميون عن نيات الامبراطور البيزنطي فأسرعوا لصده عن طرابلس والوقوف في طريق زحفه إليها ، وعضدوا جيشهم البري المدافع عنها باسطولهم الحربي ، واستطاعوا الحاق الهزيمة بالبيزنطيين ورد حنازيمسكس عن طرابلس وملاحقته حتى أخلي بيروت وصيدا وكل ما استولى عليه من مدن الساحل اللبناني . وظلت الضربات الفاطمية تلاحقه حتى ردته إلى انطاكية .
ولما حاق به الفشل عاد آئبا إلى القسطنطينية مقهورا حيث توفي في أوائل سنة 976 .
هنا نفتقد المتنبي ونفتقد ابن هاني ، هنا نفتقد الشاعر العربي الذي يتغنى بالظفر العربي ، ونتلفت فلا نجد في الساحة من يقول في حنازيمسكس المهزوم المقهور اللائذ من بطولات الفاطميين بعاصمته ما قاله المتنبي في برداس فوكاس حين فر من المعركة جريحا في وجهه وترك ابنه أسيرا فيها ثم لاذ بالدير :
< شعر > نجوت باحدى مهجتيك جريحة وخلفت احدى مهجتيك تسيل أتسلم للخطية ابنك هاربا ويسكن في الدنيا إليك خليل بوجهك ما انساكه من مرشة نصيرك منها رنة وعويل < / شعر >

262

نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين    جلد : 1  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست