نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين جلد : 1 صفحه : 113
فتيانا بالقصر يروحون ويغدون ، وهم على جانب من الوسامة ، يرتدون صديريات وعباءات مزخرفة بالقصب المذهب ، وينتعلون أحذية جميلة منتقاة . وقد راعى قواعد التشريح والمنظور ، وكانت النسبة الجمالية محفوظة اللهم إلا تلك الأرجل المعيبة التي نكاد نلحظها في معظم إنتاجه . وأغلب ظننا أنه رسمها كذلك عن عمد ، فان تلك الأرجل الرقيقة الصغيرة لها تقديرها الجمالي في خيال الفنان . وهناك ميزة خاصة في صوره وهي أنه يمكننا أن ندرس منها أشكال الملابس وأنواعها المستعملة في ذلك العصر - على ما أسلفنا - وكذلك أشكال الآنية ، كما نلاحظ ان بعض صوره يعلوها مسحة من التهكم والسخرية منتحيا فيها ناحية « التصوير الهزلي » . وقد خلف رضا مجموعة كبيرة من الصور المؤرخة التي بها توقيعه ، وأغلبها مؤرخ في النصف الأول من القرن السابع عشر الميلادي . وبعض رسوم له غير مؤرخة وإن كان عليها توقيعه مثل : « رقم كمينه رضاي عباسي » ، أو « رسمه العبد الفقير رضا عباسي » . . إلى آخره وهذه عبارات تدل على تواضعه الجم وخشوعه ، وهو بخلاف أغلب من سبقوه من المصورين قد وقع على رسومه معتزا بفنه ، ولم يكن يوقع باسمه فحسب ، بل كان أحيانا يذكر الحال التي صور فيها ، وهذه خواص جديدة ابتدعها رضا ، واقتفى أثره فيها المصورون من بعده ، فكانت معينا على تاريخ الصور ودراستها ومعرفة مصوريها ، ولا شك أن أسلوب رضا بنوع خاص يميزه المتذوقون للفن الإسلامي حتى من غير توقيعه ، بخلاف كثيرين غيره من المصورين . وهذا ما نلمسه في رسوم الفرسكو بقصور الشاه عباس التي أشرنا إليها ، وفي رسوم أخرى . وكان أسلوبه هو السائد في عصره ، وأصبح تاثيره عظيما في الحياة الفنية في أصفهان ، وأخذ يدرس عليه تلاميذ كثيرون ومريدون نسبت إليه وإليهم هذه المدرسة التي استمرت في إنتاجها حتى القرن الثامن عشر الميلادي ، واستطاعت أن تنشر هذا الفن بين طبقات الشعب مما جعلهم يدركون معانيه ، ويفهمون أصوله ، ويتذوقون قيمه الجمالية . ومن أشهر تلاميذه « معين » ، فقد برز إنتاجه على أقرانه ، وكان معجبا باستاذه ، ورقم له صورتين خلدت محياه : إحداهما في مجموعة Quaritch بلندن والأخرى في مجموعة Parish - Watson بباريس . وبعد هذه المدرسة تدهور التصوير الايراني الإسلامي ، وبعد عن خواصه وتقاليده الأصلية لاقتفائه أثر التصوير في أوروبا كل الاقتفاء . علي أكبر دهخدا [1] ولد في طهران حوالي سنة 1297 ( 1877 م ) . كان والده خان بابا خان من طبقة الملاكين المتوسطين في قزوين قد أتى قبل ولادته من قزوين إلى طهران واتخذها موطنا لاقامته . فلما بلغ علي أكبر دهخدا العاشرة من عمره توفي والده ، وتابع دهخدا دراسته تحت أشراف والدته وتوجيهها . وقد عهد إلى أحد علماء عصره وهو الشيخ غلام حسين بروجردي أن يقوم بتعليم دهخدا وتربيته ، فقد كان له كتاب في مدرسة حاج شيخ هادي ( بشارع حاج شيخ هادي اليوم في طهران ) ، وكان متفرغا لتعليم اللغة العربية والعلوم الدينية . فلما افتتحت المدرسة السياسية في طهران بعد ذلك ، دخلها دهخدا طالبا وتابع دراسته فيها . وكان أستاذ الأدب الفارسي في تلك المدرسة محمد حسين فروغي يعهد أحيانا إلى دهخدا بان يعطي درس الأدب في الصف . وإذ كان دهخدا قريبا من منزل الشيخ هادي نجمآبادي ، فقد أفاد من جواره ، فكان على صغر سنه يحضر مجالسه باستمرار إلى جانب الشيوخ والكهول ، وفي هذه الفترة شغل دهخدا بتعلم اللغة الفرنسية . فلما عين معاون الدولة [ غفاري ] فروغي بعد ذلك وزيرا لايران في البلقان أخذ دهخدا معه ، فقضى دهخدا بسبب ذلك سنتين في أوربا وبخاصة في قيينا عاصمة النمسا ، وهناك أكمل الفرنسية ومعارفه الحديثة . كانت عودة دهخدا لايران بعيد إعلان الدستور ، فاصدر بالتعاون مع قاسم خان جريدة باسم « صور إسرافيل » . وقد كان ألطف ما في تلك الجريدة الزاوية الفكاهية التي يكتبها دهخدا بعنوان ( چرند پرند ) - اي ثرثرة - ويوقعها بإمضاء ( دخو ) ، فقد كان الأسلوب جديدا فتح بابا لمدرسة جديدة في الفن الصحافي وفي النثر الفارسي المعاصر ، وكان يضمن تلك المقالات موضوعات انتقادية وسياسية بأسلوب فكاهي . فلما ألغى الشاه محمد علي الدستور وعطل المجلس النيابي نفي دهخدا مع مجموعة من أنصار الدستور إلى أوروبا . كان دهخدا رفيقا في باريس للسيد محمد قزويني ، ثم انتقل إلى ايفردون Iverdon في سويسرا حيث اصدر ثلاثة أعداد أيضا من جريدة صور إسرافيل ، وانتقل بعد ذلك إلى استامبول فأنشأ بمساعدة عدد من الايرانيين الذين كانوا في تركيا جريدة باسم ( سروش ) ( ملك الوحي ) باللغة الفارسية ، وصدر منها حوالي خمسة عشر عددا . وبعد خلع محمد علي شاه انتخب دهخدا لتمثيل طهران في المجلس النيابي [2] ودعي من تركيا إلى طهران . وقد انزوى دهخدا خلال الحرب العالمية الأولى في قرى ( چهار محل ) البختيارية قرب أصفهان ، ثم عاد بعد الحرب إلى طهران ، وانصرف إلى الدراسات العلمية والأعمال الأدبية والثقافية ، وتولى مدة رئاسة ديوان وزارة المعارف ، ورئاسة تفتيش وزارة العدل ، ورئاسة مدرسة العلوم السياسية ، ثم عهد إليه برئاسة مدرسة الحقوق العليا والعلوم السياسية بطهران ، وتفرغ من ذلك العهد حتى ختام حياته للمطالعة والتحقيقات وتصنيف كتبه . توفي في 27 شباط - 1955 في منزله ، ونقل جثمانه إلى الري ( ضاحية طهران الجنوبية ) ودفن في مدافن ( ابن بابويه ) .
[1] ملخصه عن بحث للدكتور محمد معين . [2] بدأت الثورة في ايران من أجل الدستور سنة 1906 ودامت عدة أشهر حتى أجبر مظفر الدين شاه القاجاري شاه ايران في ذلك الوقت على إعلان الدستور . ولكن مظفر الدين شاه توفي بعد فترة قليلة وخلفه ولده محمد علي شاه الذي ألغى مرسوم الدستور ، الا أن النواب والأحزاب قاوموا تعسفه ، فضرب المجلس النيابي بالقنابل واعتقل أنصار الدستور فسجنهم وفر بعضهم . اما الشعب فلم يرضخ لهذا الأمر وتألفت قوى ثورية زحفت من تبريز ورشت وشيراز وأصفهان ومختلف أنحاء ايران على طهران فاحتلتها بعد عدة معارك مع قوى الشاه ، وفر محمد علي شاه إلى روسيا ، وكان أول ما حدث بعد انتصار الأحرار أن أعيد المجلس النيابي ، ثم خلع المجلس محمد علي شاه وولى مكانه ابنه أحمد شاه .
113
نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين جلد : 1 صفحه : 113