نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين جلد : 1 صفحه : 103
وهاشم . وعبد المطلب عرفت عنه غزارة انتاجه فكان الشعر يتدفق منه لأنه قابض على ملكة الكتابة الفنية ممتلك لأدوات تلك الكتابة وأولها اللغة وفوق ذلك بل وفي أساسه موهبته وحساسيته . . . يذكر من يعرفه أنه كان يكتب شعره على الهامش الأبيض من صحيفة بين يديه أو على علبة السجائر ، يكتبه في الأماكن العامة ، في سيارات النقل وأحيانا كان يكتب وهو على كرسيه وأمام الطاولة ، كان بمقياس ما ، حسب احدى المجلات السورية ، أشعر الناس . على مستوى القانون والشريعة فقد عين لسنوات قاضيا وعمل لسنوات اخرى محاميا . . . وكان يأتيه طلبة العلم في القضاء أو في المحاماة ، أحد هؤلاء وكان مثل غيره من المعجبين كان يعتبره دائرة معارف . . . هذا هو شانه في القانون المدني ، وكذلك كان في مجال القانون الديني أو الشريعة ومراجعه في ذلك الكتب الإسلامية وتاريخ أهل البيت وهو من المتأثرين بهم والمعجبين . على المستوي السياسي امكاناته أيضا كبيرة ومواهبه كبيرة . فعلى الصعيد الرسمي عمل عبد المطلب سفيرا لسوريا في موسكو وكان سفيرا ناجحا بشهادة مسئوليه . . . يروي زهير مارديني بعض الحوادث التي تؤكد ذلك ( مع الجابري رئيس الوزراء ) وقيل أنه أحد مؤسسي وزارة الخارجية السورية . . . وعلى الصعيد الشعبي عرف بمواقفه الوطنية الدائمة دون خوف وبلا حساب لأية ردة فعل . . . من القضايا المطلبية ، إلى القضايا السياسية والموقف من السلطة والرؤساء والوزراء ، إلى القضايا القومية والموقف من القضية الفلسطينية والوحدة العربية . . . إلخ كان لعبد المطلب مواقف وطنية معروفة في كل مجال . . . وأخيرا وعلى مستوى الكفاءات الشخصية والمواهب والمزايا الذاتية يجمع الذين يعرفونه على أنه إنسان حاد الذكاء ، كثير الاستقامة والصدق ، كثير التواضع بارع في تكيفه مع جميع فئات المجتمع من الفلاحين وأبناء الريف إلى الدبلوماسيين واجواء الارستقراطية . . . وإلى جانب ذلك كان يمتلك مهارة فائفة في صنع المرح وابتكار الضحكة واستحضار النكتة وكان لا يوفر ، في ذلك ، أي شيء ، أي شيء ، وفي أساس كل ذلك قدرة على الاستيعاب مدهشة . هذه الإمكانات الكبيرة لم يكن لها ما يوازيها على المستوي الرسمي . فحيث كان من المفترض بهذه الإمكانات أن تدفع باسم عبد المطلب إلى سجل الشهرة كواحد من المؤثرين والفاعلين في تاريخ بلادهم السياسي والثقافي والأدبي لم يتوفر لهذه الإمكانات والطاقات ما يدفعها نحو تأثرها وعلى العكس من ذلك منيت هذه الإمكانات بمن لا يحسن تقديرها وبدا عبد المطلب يغرد خارج سربه منذ ولادة أولى الانقلابات في هذا العالم العربي على يدي حسني الزعيم . . . فمع مجيء هذا الرجل انقطع النشاط الدبلوماسي وتضاءلت احتمالات تجدده . تذكر المكتبات والمطابع ، ويذكر القراء اسم بدوي الجبل ، اسم نزار قباني بينما بقي عبد المطلب خارج التداول مع أنه عاش معهما في فترة واحدة ، واشتغل مع بدوي الجبل مثلا في حقل التعليم في العراق ، وربما كان في أحد جوانب العمل الفني أغزر نتاجا . . . هكذا شانه في ميدان النقد وفي ميدان الصحافة وفي ميدان الفكر . في التشريع ، في الحقل السياسي . . . نتداول اليوم بعض شعره الذي جمعه له شقيقه السيد حسن الأمين ونندفع إلى الاعتقاد أن ما يحكيه عنه شعره لا يوازي ما يتداوله البعض ممن عرفوه بل وندفع هذا الاعتقاد قليلا إلى الإمام لنرى بينهما هوة لا يردمها إلا البحث الجاد والمعمق في تفاصيل عبد المطلب مبتدئين من دمشق حيث ولد ونشا ودرس وتعلم وتخرج حاملا إجازة في الحقوق ، وبالتحديد نبدأ من بيت السيد محسن الأمين وننتهي في شقرا ، قريته الجنوبية معرجين على الميادين التي عمل فيها : سفيرا لسوريا في موسكو ، معلما في دار المعلمين في بغداد ، موظفا في [ وزراة ] وزارة الخارجية السورية وواحدا من مؤسسيها ، قاضيا في لبنان ، محاميا في الكويت ، صحافيا في صحف دمشق بتوقيع القاضي الفاضل ، وفي جريدة النداء في بيروت ، موظفا في وزارة الدفاع ( رئيس قسم التوجيه ) في سوريا حتى النكسة 1967 . . . وما تبقى من حياته قضاها في بيت متواضع في منطقة النهر في بيروت وفي بلدته شقرا . يستوقفنا في عبد المطلب الأمين أنه كان قاضيا ومحاميا وصحافيا وناقدا وسياسيا . . إلخ على صورة ابتكرها لنفسه وعلى مثال يجمع الفرادة مع ما في الفرادة من جوانب التالق أو جوانب الانكفاء . وإذا لم يكن الشعر ابرز مظاهر هذه الفرادة فإنه نموذج ونتاج لشخصية تكونت خارج هيمنة الطراز السائد . كتب شعرا كثيرا ولكن صحف زمانه ومجلاته كانت خلوا من أي بيت أو أية قصيدة من قصائده ، كتب كما لو كانت الكتابة عنده فيض لا يرد عطاؤه وكما لو أن الشعر عنده عمل عادي وطبيعي كالتنفس لا يستوجب اهتماما كونه ، بالنسبة إليه ، عملا تلقائيا جاهزا للممارسة على الدوام . ان بعض المقاييس الفنية تمنحه بامتياز صفة شاعر في وقت تلجأ مقاييس اخرى إلى التقليل من أهمية شعره . فهو من جهة قابض على مجموعة من العناصر الضرورية للإنتاج الفني ومنها لغته التي لا شك بتملكه لها اطلاعا على التراث الديني ، تراث أهل البيت ، التراث الشعري القديم ومن عناصر الإنتاج الشعري المستوي الفكري والثقافي الذي تمتع به والذي قال عنه أحدهم إعجابا : انه دائرة معارف ، ومنها وضوح الموقف من الأحداث ومن القضايا ومن المواضيع ومن العلاقات ، وقد كان في هذا المجال صاحب موقف لا يتأخر عن إعلانه مهما كانت الظروف معاكسة . أما مواقفه من الحياة والموت والحب والزمن . . إلخ فيمكن استخلاصها مما توفر بين أيدينا من أشعاره وكذلك مواقفه من القضايا السياسية الوطنية والقومية والاجتماعية . الحياة كلها لم تكن في نظره إلا محطة ، لم تكن هدفا لم تكن إلا إضافة كمية ونوعية على التاريخ فقيمتها إذن في حجم ما تضيف لا في حجم ما تأخذ : < شعر > ودروب الحياة مهما استطالت هي في خطونا الملح دروب < / شعر > أو : < شعر > تضاءل العمر وانهارت مهابته حتى استحال تساجيعا وأوزانا < / شعر > والحياة من هذه الزاوية لمح من الحوادث تتراكم بتناقضاتها وتتعاقب تفاصيلها ليضيع العمر بين هذه التفاصيل : < شعر > تبا له الزمن الواهي فمر بها مر الكرام : عيون أوصدت وفم < / شعر >
103
نام کتاب : مستدركات أعيان الشيعة نویسنده : حسن الأمين جلد : 1 صفحه : 103