نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 432
وارتضيت دينه وطريقته ، واخترته لكم لمعرفتي بكثرة سخطكم على عمالكم ، قال : يا أمير المؤمنين ، صدقْتَ ، وكذبْتُ انا ! ولكن هذا العامل الذي ارتضيت دينه وأمانته وعفته وعدله وإنصافه ، كيف خصصتنا به هذه السنين دون البلاد التي قد ألزمك الله عز وجل من العناية بأمورها مثل ما ألزمك من العناية بأمرنا ! فاستعمله على هذه البلاد حتى يشملهم من إنصافه وعدله مثل الذي شملنا ، فقلت له ، قم في غير حفظ الله ، فقد عزلته عنكم . مناظرة المأمون للفقهاء : وكان يحيى بن أكثم يقول : كان المأمون يجلس للمناظرة في الفقه يوم الثلاثاء فإذا حضر الفقهاء ومن يناظره من سائر أهل المقالات أُدخلوا حجرة مفروشة ، وقيل لهم : انزعوا أخفافكم ، ثم أحضرت الموائد ، وقيل لهم : أصيبوا من الطعام والشراب وجدِّدوا الوضوء ، ومن خُفه ضيق فلينزعه ، ومن ثقلت عليه قلنسوته فليضعها ، فإذا فرغوا أتوا بالمجامرة فبخروا وطيبوا ، ثم خرجوا فاستدناهم حتى يدنوا منه ، فرغوا أتوا بالمجامرة فبخروا وطيبوا ، ثم خرجوا فاستدناهم حتى يدنوا منه ، ويناظرهم أحسن مناظرة ، وأنْصَفها وأبعدَها من مناظرة المتجبرين ، فلا يزالون كذلك الى أن تزول الشمس ، ثم تنصب الموائد الثانية فيطعمون وينصرفون ، قال : فإنه يوماً لجالسٌ إذ دخل عليه علي بن صالح الحاجب فقال : يا أمير المؤمنين ، رجل واقف بالباب عليه ثياب بيض غلاظ مشمرة ، ويطلب الدخول للمناظرة ، فقلت : إنه بعض الصوفية ، فأردت بأن أشير أن لا يؤذن له ، فبدأ المأمون فقال : ائذن له ، فدخل رجل عليه ثيابٌ قد شمرها ونعله في يده ، فوقف على طرف البساط فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال المأمون : وعليك السلام ، فقال : أتأذن لي في الدنو منك ؟ قال : ادْنُ ، فدنا ، ثم قال : اجْلِسْ ، فجلس ، ثم قال : أتأذن في كلامك ؟ فقال : تكلم بما تعلم أن لله فيه رضا ، قال : أخبرني عن هذا المجلس الذي أنت قد جلسته أباجتماع من المسلمين عليك ، ورضًا منك ، أم بالمغالبة لهم والقوة عليهم بسلطانك ؟ قال : لم أجلسه باجتماع منهم ولا بمغالبة لهم ، إنما
432
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 432