نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 372
داعية المنع ، ولا يسنح به نازعُ العذل . وقال الرابع - وهو هشام بن الحكم الكوفي شيخ الإمامية في وقته وكبير الصنعة في عصره - : أيها الوزير ، العشق حِبَالةٌ نصبها الدهر فلا يصيد بها إلا أهل التخالص في النوائب ، فإذا عَلِقَ المحب في شبكتها ونشب في أثنائها فأبعد به أن يقوم سليما أو يتخلص وشيكا ، ولا يكون إلا من اعتدال الصورة ، وتكافؤ في الطريقة ، وملاءمة في الهمة ، له مقتل في صميم الكبد ومهجة القلب ، يعقد اللسان الفصيح ويترك المالك مملوكاً والسيد خَوَلا حتى يخضع لعبد عبده . وقال النظَّام إبراهيم بن يَسار المعتزلي وكان من نظار البصريين في عصره : أيها الوزير العشق أرق من السراب وأدبُّ من الشراب ، وهو من طينة عَطِرة عجنت في إناء الجلالة ، حلو المجتنى ما اقتصد ، فإذا أفرط عاد خبلًا قاتلًا ، وفساداً معضلًا ، لا يطمع في إصلاحه ، له سحابة غزيرة تهمي على القلوب ، فتعْشِب شعفاً ، وتثمر كلفاً ، وصريعه دائم اللوعة ، ضيق المتنفس ، مُشارف الزمن ، طويل الفكر ، إذا أجنحه الليل أرق ، وإذا أوضحه النهار قلق ، صومه البلوى ، وإفطاره الشكوى . ثم قال السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر ومن يليهم ، حتى طال الكلام في العشق بألفاظ مختلفة ومعان تتقارب وتتناسب ، وفيما مر دليل عليه . العشق وعلة وقوعه : قال المسعودي ، تنازع الناس ممن تقدم وتأخر في ابتداء وقوع الهوى وكيفيته ، وهل ذلك من نظر وسماع ، واختيار واضطرار ، وما علة وقوعه بعد أن لم يكن ، وزواله بعد كونه ؟ وهل ذلك فعل النفس الناطقة أو الجسم وطباعه ؟ فقال بقراط : هو امتزاج النفسين ، كما لو امتزج الماء بماء مثله عسر تخليصه بحيلة من الاحتيال ، والنفس ألطف من الماء ، وأرقُّ مسلكاً ، فمن أجل ذلك لا تزيله الليالي ، ولا تخلقه الدهور ولا يدفعه دافع دق عن الأوهام
372
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 3 صفحه : 372