نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 155
وقمع شرها بكثرة الوحدة وإدمان التفرد وشدة الوحشة من الناس وقلة الأنس بهم ، وذلك أن النفس إذا هي تفردت فكرت ، وإذا هي فكرت تعدت [1] وإذا تعدت هَطَلَ عليها سُحُب العلم النفسي ، فنظرت بالعين النورية ، ولحظت بالنور الثاقب ، ومضت على الشريعة المستوية ، فأخبرت عن الأشياء على ما هي به وعليه وربما قويت النفس في الإنسان فأشرفت به على دراية الغائبات قبل ورودها . وكان كبراء اليونانيين ينعتون هذه الطائفة بالروحانية ، ويقولون : إن النفس إذا هي زادت [2] وكانت اكبر جزء في الإنسان تَهدَّت [3] إلى استخراج البدائع والأخبار المستترات ، واستدلوا على ذلك ان الإنسان إذا قوي فكره وزادت مواد نفسه وخاطره فكر في الطارئ قبل وروده فعلم صورته فيكون وروده إلى حالٍ على ما تصوره وهكذا النفس أيضاً إذا تهذبت كانت الرؤيا في النوم صادقة وفي الزمان موجودة . الرؤيا وأسبابها : وقد تنازع الناس في الرؤيا ، والسبب الموقع لها وماهيتها وكيفية وقوعها ، فقال فريق : إن النوم هو اشتغال النفس عن الأمور الظاهرة بملاقاة حوادث باطنة فيها ، وذلك على وجهين : أحدهما معروف بالعين قائم بالصفة في خواطر تحدث في النفس معاني تعبرها وتفرق بينها ، فتشغل به عن استعمال الظاهر ، والباطن فيه يؤدي إليه الحواس الخمس فتبطل الحواس عن الإدراك إلى الحاس أعني الروح لاشتغال الروح عن استعمالها ، وإذا وجب بطلانها سمي
[1] في نسخة : بعدت ، وسقط منها ما بين المعقوفين . [2] في نسخة : إذ هي أدت . [3] في نسخة : تهذبت .
155
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 155