نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 156
نوماً عرضيا ، لأنه ليس النوم الكلي الذي يعم الأطفال والعجائز والشيوخ الذين خرجوا من موقع السرور أو مخافة الشر ، وكذلك نوم الليل على ما وصفنا ، والوجه الآخر - وهو النوم الكلي الذي يعم الأطفال والعجائز والطبقات الحيوانية ذوات الفكر وغيرها - وهي طبيعة توجبها الخلقة في وقته ضرورة كما يوجب الجوع في وقته ضرورة ، لأن الجوع عند أهل صناعة الطب علة ، وهي الموجبة تحديد [1] الكبد من الفراغ من الأغذية . ومنهم من رأى أن النفس تدرك صورة الأشياء على ضربين : أحدهما حس والآخر فكر ، فالصورة المحسوسة [2] لا تدركها إلا في هيئتها ، فإذا تخلص علمها عندها كان إدراكها مفرداً من طبعها ، فيكون فكر الإنسان ما لم يتم تابعا [3] للحس ، حتى إذا نام فعدمت النفس الحواس كلها كانت تلك الصورة التي أخذتها من أعيان الأشياء فيها قائمة كأنها محسوسة ، لأن الحس بها في أعيانها كان قبل استيلائها بالفكر ضعيفا ، فلما ارتفع الحس قوي الفكر فصار يُصَوِّر الأشياء كأنها محسوسة يخطر على بال النائم منها كما يخطر على باله إذا كان يَقْظَان الشيء الذي قد كان أنيسه ، وليس لذلك نظام ، وإنما هو ما اتفق ، فلذلك يرى الإنسان كأنه يطير وليس بطائر ، وإنما يرى صورة الطيران مفردة كما يعلمها إذ غابت ، ولكن فكرته فيها تقوى حتى كأنها معاينة له ، فأما ما يراه النائم من الأشياء التي تدل على ما يريد فإنما ذلك لأن النفس عالمة بالصور ، فإذا خلصت في المنام من شوائب الأجسام أشرفت على ما تريد أن ينالها ،
[1] في نسخة : لتحذير . [2] في نسخة : المحبوسة . [3] في نسخة : مانعاً للحس .
156
نام کتاب : مروج الذهب ومعادن الجوهر نویسنده : المسعودي جلد : 2 صفحه : 156