وأبا نواس ، فرجع إليه وعرفه بهم ، فقال أدخلهم إلي ، فلما حضروا بين يديه ، قال لهم : عرفتم لم طلبتكم يا شعراء ؟ قالوا : لا يا أمير المؤمنين ، قال : أشتهي من كل واحد منكم شعراً في آخره كلام لليل يمحوه النهار فقال الرقاشي : متى تصحو وقلبك مستطار ؟ * وقد منع القرار فلا قرار وقد تركتك صباً مستهاماً * فتاة ، لا تزور ، ولا تزار إذا وعدتك صدت ثم قالت * كلام الليل يمحوه النهار وقال أبو مصعب : أما والله لو تجدين وجدي * لأذهب للكرى عنك الشرار فكيف وقد تركت العين عبرى * وفي الأحشاء من ذكراك نار فقالت : أنت مغرور بوعدي * كلام الليل يمحوه النهار وقال أبو نواس : وليلاً أقبلت في القصر سكرى * ولكن زين السكر الوقار وهز الريح أردافاً ثقالاً * وغصناً فيه رمان صغار وقد سقط الردا عن منكبيها * من التجميش وانحل الإزار مددت يدي لها أبغي التماساً * فقالت : في غد منك المزار فقلت الوعد سيدتي ؟ فقالت : * كلام الليل يمحوه النهار فأمر لكل واحد من الاثنين بألف دينار ، وقال علي بسيف ونطع واضربوا فيه رقبة أبي نواس ، فقال : و لم تضرب رقبتي يا أمير المؤمنين ؟ فقال : كأنك كنت معنا البارحة ، فقال : و الله يا أمير المؤمنين ما بت إلا في داري ، وإنما استدللت على ما قلت بكلامك ، فقبل منه وأمر له بعشرة آلاف دينار . ومما يحكى من غرائب أبي نواس وعجائب اختراعاته أيضاً ما معناه : ان هارون الرشيد طرقه ذات ليلة قلق وسهاد منع الراحة منه والرقاد ، ففكر فيما يزيل عنه ذلك ، ويجلب له الانشراح ، ودار في مواضع فيها النزهة والارتياح فما حصل له الغرض من ذلك حتى دخل على بعض سراريه ، فوجدها نائمة وجواريها يضربن بالمعازف على رأسها ، فلما دخل تفرقن من حولها ، فكشف عن وجهها وقبل موضع خال في خدها ، فانتبهت ذات فزع وقالت : من هذا ؟ فقال : ضيف ، فقالت : نكرم الضيف بسمعي والبصر فلما أصبح استدعى بأبي نواس ، فقال : أبو نواس قل له إن ثيابي مرهونة عند الخمارة بست مائة درهم ، ان استنفكها لي لبست وجئت ، فالتزم الرشيد ذلك القدر فجاء فقال له أحب أن تنظم لي أبياتاً