غيره : و لد بالأهواز ، ونقل منها وعمره سنتان ، وأمه هوزانية ، وكان أبوه من جند مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية ، وكان من أهل دمشق ، فانتقل إلى الأهواز وتزوج وأولد عدة أولاد منهم أبو نواس وأبو معاذ ، فأما أبو نواس فأسلمته أمه إلى بعض العطارين ، فرآه أبو أسامة بن الحباب ، فاستخلاه وقال له : أرى فيك مخائل أرى لا تضيعها ، وستقول فاصحبني أخرجك فقال له : و من أنت ؟ قال أبو أسامة بن الحباب . قال : نعم أنا والله في طلبك ، ولقد أردت الخروج إلى الكوفة بسببك لآخذ عنك وأسمع منك شعرك ، فصار أبو نواس معه ، وقدم به بغداد ، وأول ما قاله من الشعر وهو صبي . حامل الهوى تعب ، يستخفه الطرب * إن بكى بحق له ، ليس ما به لعب تضحكين لاهية ، والمحب ينتحب * تعجبين من سقمي ، صحتي هي العجب قالوا وهو في الطبقة الأولى من المولدين ، وشعره عشرة أنواع ، وهو مجيد في العشرة ، وقد اعتنى بجمع شعره جماعة ، فلهذا يوجد ديوانه مختلفاً . وحكي في بعض الكتب أن المأمون كان يقول : لو وصفت الدنيا نفسها لما وصفت بمثل قول أبي نواس : ألا كل حي هالك وابن هالك * وذو نسب في الهالكين غريق إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت * له عن عدو في ثياب صديق وإنما قيل له أبو نواس لذوابتين كانتا له تنوسان على عاتقه ، وعن ابن عيينة أنه قال : هو أشعر الناس ، وقال الجاحظ : ما رأيت أعلم باللغة منه ، وقال أبو حاتم السجستاني : كانت المعاني مدفونة حتى أثرها أبو نواس ، وقال : لولا أن العامة استبذلت هذين البيتين لكتبتهما بماء الذهب ، وهما لأبي نواس : ولو أني استزدتك فوق مالي * من البلوى لأعوذك المزبد ولو عرضت على الموتى حياتي * بعيش مثل عيشي لم يريدوا قلت : و يحكى له من النوادر والغرائب والمخترعات العجائب ما يطول في تعداد الحاسب ، من ذلك ما حكي عن هارون الرشيد أنه كان ذات ليلة من الليالي يطوف في داره ، فلقي جارية من جواريه ، وكان يجد بها وجداً ويلتمس منها حاجته فتأبى عليه ، فوجدها في تلك الليلة سكرى ، فجمشها ، فانحل إزارها وسقط خمارها عن منكبيها ، فقالت : امهلني تلك الليلة يا أمير المؤمنين ، فغداً أسير إليك ، فخلاها ، فلما كان الصبح أرسل إليها خادماً وقال : أجيبي أمير المؤمنين ، فقالت : ارجع عليه وقل له : كلام الليل يمحوه النهار ، فرجع إليه وعرفه بذلك ، فقال له : انظر من على الباب من الشعراء ، فلقى الرقاشي وأبا مصعب