هو البحر إن كلفت نفسك خوضه * تهالكك في أمواجه بالتلاطم وقد قيل إن يزيد بن حاتم المذكور توفي سنة خمس وثمانين ومائة ، وسنعيد ذكر ترجمته هناك مع زيادات على ترجمته هنا ، إن شاء الله تعالى ، ويزيد بن حاتم المذكور أخوه روح بضم الراء وسكون الواو قبل الحاء المهملة ابن حاتم من الكرماء الأجواد ، ولي لخمسة من الخلفاء : السفاح والمنصور والمهدي والهادي والرشيد ، ويقال : انه لم يتفق مثل هذا إلا لأبي موسى الأشعري الصحابي ، رضي الله تعالى عنه ، فإنه ولي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم . وكان روح والياً على السند بتولية المهدي بن أبي جعفر المنصور في سنه تسع وخمسين ، وقيل ستين ومائة ، وكان قد ولاه في أول خلافته الكوفة ، ثم عزله عن السند سنة إحدى وستين ومائة ، ثم ولاه البصرة . فلما توفي أخوه يزيد في السنة المذكورة بإفريقية في مدينة القيروان ، وكان قد قال أهل إفريقية : ما أبعد ما يكون بين قبري هذين الأخوين : فإن هذا هنا وأخاه بالسند ، فاتفق أن الرشيد عزل روحاً عن السند ، وسيره إلى موضع أخيه يزيد ، فوصل إلى إفريقية في أول رجب سنة إحدى وسبعين ومائة ، ولم يزل والياً عليها إلى أن توفي بها ، فدفن مع أخيه في قبر واحد ، فعجب الناس من هذا الاتفاق بعد ذلك التباعد والافتراق ، وكان تولية المنصور يزيد المذكور على إفريقية عندما قتلت الخوارج عامله فيها ، وجهز معه خمسين ألف مقاتل حين زار المنصور بيت المقدس ، وكان قد ولاه قبل ذلك على مصر . وفي السنة المذكورة توفي إمام اللغة والعروض والنحو الخليل بن أحمد الفراهيدي الأزدي ، وقيل في سنة خمس وسبعين ومائة ، وقيل في ستين ومائة ، وقيل ثلاثين ومائة ، وغلط ناقل هذا القول الأخير ، وممن نقله ابن الجوزي والواقدي ، وهو الذي استنبط علم العروض وحصر أقسامه في خمس دوائر ، استخرج منها خمسة عشر بحراً ، ثم زاد فيه الأخفش بحراً ، سقاه المجتث ، قلت وله أسماء أخرى ذكرتها في علم العروض ، وقيل إن الخليل دعا بمكة أن يرزق علماً لم يسبق إليه أحد ، فلما رجع من حجه فتح عليه بعلم العروض ، وله معرفة بالايقاع والنغم ، وتلك المعرفة أحدثت له علم العروض ، فإنهما متقاربان في المأخذ . وقال حمزة بن الحسن الأصفهاني في كتابه المسمى بالتنبيه على حدوث التصحيف : وبعد فإن دولة الإسلام لم تخرج أبدع العلوم التي لم يكن لها عند علماء العرب أصول إلا