المكي مولى قريش ، سمع من عائشة وأبي هريره وابن عباس وجابر بن عبد الله وابن الزبير وخلق كثير من الصحابة رضي الله تعالى عنهم . وروى عنه عمرو بن دينار والزهري وقتادة ومالك بن دينار والأعمش والأوزاعي وخلق كثير ، وإليه والي مجاهد انتهت فتوى مكة في زمانهما . وقال إبراهيم بن كيسان : و كان في زمان بني أمية يأمرون في الحاج صائحاً يصيح : لا يفتي الناس إلا عطاء بن أبي رباح . وقال أبو حنيفة رحمه الله : ما رأيت أفقه منه . وقال ابن جريج : كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة ، وكان من أحسن الناس صلاة . وقال الأوزاعي : مات عطاء يوم مات وهو أرضى أهل الأرض عند الناس ، وقال إسماعيل بن أمية : كان عطاء يطيل الصمت فإذا تكلم يخيل إلينا أنه يؤيد ، وقال غيره : كان لا يفتر من الذكر . قلت وأما ما نقل في بعض كتب الفقه أنه كان يرى إباحة وطي الجواري بإذن أربابهن ، وما نقل بعضهم أنه كان يبعث جواريه إلى ضيفانه ، فقد قال بعض أهل العلم الذي أعتقد أن هذا بعيد ، فإنه لو رأى الحل كانت المروة والغيرة تأبى ذلك ، فكيف يظن هذا بمثل ذلك السيد الإمام والله . سبحانه العلام . قلت وينبغي أن يحمل ذلك على بعث الجواري لسماع القول منهن على تقدير صحة ذلك عنه ، فنحو من هذا ما نقل المشايخ في كتب التصوف في باب السماع أنه كان يأمر جواريه يسمعن أصحابه عند اجتماعهم ، وفي ذا ما فيه أيضاً ، فإن صح فينبغي أن يحمل على ما إذا لم يخش فتنة بحضورهن وسماع أصواتهن ، وإذا قلنا إن صوت المرأة ليس بعورة . وفي السنة المذكورة وقيل في سنة تسع عشرة وقيل في ثماني عشرة وهو الذي إليه مال جماعة من المؤرخين - توفي أبو محمد علي بن عبد الله بن عباس جد السفاح والمنصور . كان سيداً شريفاً بليغاً ، وكان أصغر أولاد أبيه وأجمل قرشي على وجه الأرض وأوسمه وأكثره صلاة ، وكان يدعى السجاد لذلك له خمس مائة أصل ، وكان يصلي كل يوم إلى كل أصل ركعتين ، فيجتمع من الجميع ألف ركعة .