تعالى عنهم ، وولده وولده في الكوفة والبصرة كما ذكرنا ، وفي بلال المذكور يقول ذو الرمة : سمعت الناس ينتجعون غيثاً * فقلت لصيدح انتجعي بلا لا وصيدح اسم ناقته ، وأبو برده بن أبي موسى الأشعري قاضي الكوفة . سنة خمس ومائة فيها توفي كثير عزة عبد الرحمن الخزاعي ، كان شيعياً غالياً يؤمن بالرجوع بالدنيا بعد الموت ، وهو أحد عشاق العرب المشهورين به صاحب عزة بنت جميل بن حفص من بني حاجب بن غفار ، وله معها حكايات نوادر وأمور مشهورة ، وأكثر شعره فيها ، وكان يدخل على عبد الملك بن مروان وينشده ، وكان كثير التعصب لآل طالب . حكى ابن قتيبة في طبقات الشعراء أن كثير أدخل على عبد الملك فقال له عبد الملك : بحق علي بن أبي طالب هل رأيت أحد أعشق منك ؟ قال : يا أمير المؤمنين لو نشدتني بحقك لأخبرتك ، قال : نشدتك بحقي إلا ما أخبرتني قال : نعم بينا أنا أسير في بعض الصلوات إذا أنا برجل قد نصب حبالة ، فقلت : ما أجلسك هاهنا ؟ قال : أهلكني وأهلي الجوع ، فنصبت حبالتي هذه لأصيد لهم شيئاً ولنفسي ما يكفينا ويعصمنا يومنا هذا ، قلت : أرأيت إن أقمت معك فأصبت صيداً ، أتجعل لي منه جزء ؟ قال : نعم فبينا نحن كذلك إذ وقعت ظبية في الحبالة ، فخرجنا نبتدر ، فبدرني إليها ، فحلها وأطلقها ، فقلت له : ما حملك على هذا ؟ قال دخلتني لها رأفة لشبها بليلى ، وأنشأ يقول : يا شبه ليلى لا تراعي فإنني * لك اليوم من وحشية لصديق أقول وقد أطلقتها من وثاقها * فأنت لليلى ما حييت طليق ولما عزم عبد الملك على الخروج إلى محاربة مصعب بن الزبير ناشدته زوجته عاتكة بنت يزيد بن معاوية أن لا يخرج بنفسه ، وأن يستنيب غيره في حربه ، ولم تزل تلح عليه في المسألة وهو يمتنع من الإجابة ، فلما يئست أخذت في البكاء حتى بكى من كان حولها من جواريها وحشمها ، فقال عبد الملك : قاتل الله ابن أبي جمعة ، يعني كثيراً كأنه رأى موقفنا هذا حين قال : إذا ما أراد الغزو لم تثن عزمه * حسان عليها نظم در بزينها نهته فلما لم تر النهي عاقه * بكت فبكى من ما شجاها قطينها