ووقوف ملك شروان ( كنجة ) إلى صف الجورجيين وانتصاره على أولاد الشيخ صفي ، وأسر من بقي منهم ، وكان الشاه إسماعيل صبياً فهرب من الأسر . . . قال : ( وكان شاه إسماعيل في لاهجان في بيت صائغ يقال له نجم زرگر ، وبلاد لاهيجان فيها كثير من الفرق الضالة كالرافضة والحروفية والزيدية وغيرهم ، فتعلم منهم شاه إسماعيل في صغره مذهب الرفض ، فإن آباءه كان شعارهم مذهب السنة السنية وكانوا مطيعين منقادين لسنة رسول الله صلى الله عليه و آله ولم يظهر الرفض غير شاه إسماعيل . وتطلَّبه من أمراء ألوند بيك جماعة وطلبوه من سلطان لاهيجان ، فأبى أن يسلمه لهم فأنكر وحلف لهم أنه ما هو عندي وورَّى في يمينه ، وكان مختفياً في بيت نجم زركر وكان يأتيه مريدوا والده خفية ويأتونه بالنذير ( النذور ) ويعتقدون فيه ويطوفون بالبيت الذي هو ساكن فيه ، إلى أن أراد الله بما أراد وكثرت داعية الفساد واختلفت أحوال البلاد باختلاف السلاطين وكثرة العناد بين العباد ، ولو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ( يقصد بآلهة : دولة ! ) وحينئذ كثر أتباع شاه إسماعيل فخرج هو ومن معه من لاهيجان وأظهر الخروج لأخذ ثار والده وجده في أواخر سنة 905 وعمره يومئذ ثلاث عشرة سنة ، وقصد مملكة الشروان لقتال شروان شاه قاتل أبيه وجده ، وكلما سار منزلاً كثر عليه داعية الفساد واجتمع عليه عسكر كثير ، إلى أن وصل إلى بلاد شروان ، فخرج لمقاتلته شروان شاه بعساكره وقاتلهم وقاتلوه ، فانهزم عسكر شروان وأسر شروان شاه ، وأتوا به إلى شاه إسماعيل أسيراً فأمر أن يضعوه في قدر كبير ويطبخوه ويأكلوه ، ففعلوا كما أمر وأكلوه ! وكان ذلك أول فتوحه ، ثم توجه إلى قتال ألوند بيك فقاتله وانهزم منه واستولى على خزائنه وقسمها في عسكره ، وصار يقتل من ظفر به . . . وكان يسجد له عسكره ويأتمرون بأمره ! وقتل خلقاً لا يحصون ينوف على ألف ألف نفس ، بحيث لا يعهد في الإسلام ولا في الجاهلية ولا في الأمم السابقة من قتل من النفوس ما قتله شاه إسماعيل . . . وقتل عدة من أعاظم العلماء بحيث لم يبق أحداً من أهل العلم في بلاد العجم ، وأحرق جميع كتبهم ومصاحفهم لأنها مصاحف