تأثير موجة التشيع التي أحدثها نصير الدين على إيران يدل اتخاذ هولاكو عاصمة له قرب قزوين ، على أنه كان يرى في إيران منطقة متوسطة ، وأن محيطها الثقافي يلائم المغول ، الذين يميلون إلى الثقافة الفارسية لأنها تنتشر في منطقة بخارى وسمرقند ، والقبائل المجاورة للمغول . ثم إن منطقة قزوين قريبة من بغداد وبلاد العرب ، كما أنها تتوسط القبائل التركية الكبيرة التي تمتد إلى القوقاز وتركيا الفعلية ، وكان اسمها بلاد الروم . وكان هولاكو وسلاطين المغول يعرفون الفارسية ويقرؤون ويستكتبون بها ، ولعلها كانت اللغة الأولى في بلاط السلطان وعاصمته ، أو اللغة الثانية إلى جنب العربية . ودام الأمر على هذه الحال أكثر من قرن ! وقد كان لهذه الموجة المغولية سياسياً ، والشيعية ثقافياً ، تأثيرٌ كبيرٌ في الشعوب الإسلامية البعيدة ، فكيف بأهل إيران القريبة ؟ ! يمكنك أن تأخذ نموذجاً لهذا التأثير ابن الفوطي الذي أخذه المغول غلاماً صغيراً من بغداد وجاؤوا به إلى عاصمتهم السلطانية ، فرأى فيه نصير الدين الطوسي قدس سرّه ملامح النبوغ فوظفه في مكتبة مرصد مراغة القريبة من السلطانية ، وكان ابن الفوطي يحنُّ إلى وطنه حتى عاد به إلى بغداد حاكمها الجويني . كان ابن الفوطي من عائلة حنبلية فبقي حنبلياً رغم إتقانه الفارسية ، وهو من شيوخ الذهبي ، وقد مدحه الذهبي وغيره ووصفوه بالإمام . وكان تأثير الموجة الثقافية الشيعية عليه كان كبيراً ، فقد تخلى عن جمود حنابلة بغداد وتعصبهم ، وانفتح على الثقافات والمذاهب ، وقرأ وسمع عن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام وأصول مذهبهم وفروعه ، بل درس كتاب كشف الغمة في معرفة الأئمة على مؤلفه الكاتب الإربلي رحمه الله ، فاحترم الأئمة عليهم السلام واعتقد بمكانة رفيعة لهم ، وظهر