وبين بقايا الخلافة في الشام ، وبعض سلاطين المماليك الشراكسة حكام مصر الذين كانوا يتعصبون للمذهب السني ! فبدون فهم عامل الصراع المذهبي لا يستطيع الباحث أن يفهم مجرى الصراع السياسي في تلك المرحلة ! نعم ، توجد عوامل أخرى مؤثرة في الأحداث ومن أهمها العامل القومي والإقليمي ، والصراع على السلطة حتى بين السنة أنفسهم أو الشيعة أنفسهم ، لكن العامل المذهبي كان وما زال إلى يومنا في طليعة هذه العوامل . 6 - تَمَحْوَرَ الخلاف السني الشيعي حول وجوب اتِّباع الصحابة ، أو اتِّباع أهل البيت عليهم السلام . ولبُّه حول موقف الشيعة من أبي بكر وعمر ، فقد جعله السنيون المقياس الشعبي والرسمي والعقائدي والسياسي من الشيعة ! فالشيعة مُصِرِّون على أن المسلمين مكلفون باتِّباع أهل البيت عليهم السلام دون غيرهم لأن النبي صلى الله عليه و آله أوصى بالثقلين القرآن والعترة ولم يوص باتِّباع الصحابة ، فالمسلم حرٌّ في أن يعتقد فيهم ما يصل إليه علمه ، ومنهم أبو بكر وعمر ! والسنيون مصرِّون على وجوب اتباع الصحابة خاصة أبي بكر وعمر ، وقد جعلوا ولايتهما أول ركن في الإسلام ، وجعلوا المساس بهما كفراً يوجب خروج صاحبه من الدين ، وهدْر دمه واستباحة عرضه وماله ! كان هذا في كل مراحل التاريخ وما زال في عصرنا ، فباستطاعتك أن تلمسه عند من شئت من علماء السنيين وحكامهم وحركاتهم الدينية ! أو تقرأ فتاوى الوهابية في الشيعة ، وتنظر إلى تنفيذها بفعل الزرقاوي وأتباعه في العراق ! ومن أدلة ذلك في موضوعنا ما أحدثه مرسوم السلطان خدابنده من غضب واستنفار في السنيين المتعصبين ، خاصة من مُجَسِّمة الحنابلة في بغداد ودمشق مركز الفكر الأموي ، كما ترى في أشدهم تعصباً عبد الحليم بن تيمية .