يأخذون الأسارى ويقولون لهم نادوا في الدروب إن التتر قد رحلوا ! فإذا نادى أولئك خرج من اختفى فيؤخذ ويقتل ! وبلغني أن امرأة من التتر دخلت داراً وقتلت جماعة من أهلها وهم يظنونها رجلاً فوضعت السلاح فإذا هي امرأة فقتلها رجل أخذته أسيراً ! وسمعت من بعض أهلها أن رجلاً من التتر دخل داراً فيه مائة رجل فما زال يقتلهم واحداً واحداً حتى أفناهم ، ولم يمد أحد يده إليه بسوء ! ووضعت الذلة على الناس فلا يدفعون عن نفوسهم قليلاً ولا كثيراً ، نعوذ بالله من الخذلان ! ثم رحلوا عنها نحو مدينة إربل ، ووصل الخبر إلينا بذلك بالموصل فخفنا . . . وكانت الأقوات متعذرة في تلك البلاد جميعها لخرابها وقتل أهلها وجلاء من سلم منهم ، فلا يقدر أحد على الطعام إلا قليلاً ، وأما التتر فلا يبالون لعدم الأقوات لأنهم لا يأكلون إلا اللحم ولا تأكل دوابهم إلا نبات الأرض ، حتى إنها تحفر بحوافرها الأرض عن عروق النبات فتأكلها ! وقوي التتر على المسلمين ( في أربيل ) فأفنوهم قتلاً ولم يسلم إلا من كان عمل له نفقاً يختفي فيه ! وبقي القتل في المسلمين عدة أيام ثم ألقوا النار في البلد فأحرقوه . . . ثم إنهم ملكوا البلد ( بيلقان ) عنوةً في شهر رمضان سنة ثمان عشرة وستمائة ووضعوا السيف فلم يبقوا على صغير ولا كبير ولا امرأة ! حتى إنهم يشقون بطون الحبالى ويقتلون الأجنة ! وكانوا يفجرون بالمرأة ثم يقتلونها ! وكان الإنسان منهم يدخل الدرب فيه الجماعة فيقتلهم واحداً بعد واحد ، حتى يفرغ من الجميع ، لا يمد أحد منهم إليه يداً ) ! وقال في الكامل : 12 / 386 : ( ولما وصل التتر إلى سوادق ملكوها وتفرق أهلها منها فبعضهم صعد الجبال بأهله وماله ، وبعضهم ركب البحر وسار إلى بلاد الروم التي بيد المسلمين من أولاد قلج أرسلان . . . تقدموا إلى مرو وحصروها . . . قبض ( هولاكو ) عليهم وعلى أميرهم وكتفوهم ، فلما فرغ منهم قال لهم : أكتبوا لي تجار البلد ورؤسائه