فقال علي الدوساني : قد جرحت قلبي لما رَنَتْ عيونها السودا لمراض الصحاح فهمْهَمَ الشرف الطنوني ولم يمكنه أن يقول شيئاً ، فقال صاحب الترجمة : ما للطنوني غدا حائراً ؟ فقال الناصري لعلي المتقدم : أجزه ، فقال : وحياة أبيك السلاري والفرس ! فقال : هما لك من غير مهملة وتراخ ، فقال : وخرَّبَ البيتَ وخلَّى وراحْ ) . وقد ذكرنا نص القصة كاملةً لأنها تكشف من جهة عن تبني النظام المصري للبخاري أي للتسنن المتعصب ، وعن مجاراة شاه رخّ لهم طمعاً أن يدخل الحكم المصري تحت سلطانه ، مع أن المغول عجزوا عن احتلال مصر ، ومع أن مصر تبنت الخلافة العباسية وجاءت بها إلى مصر بعد أن أطاح بها هولاكو ! وقد أجمل ابن تغري في المنهل الصافي / 962 ، أن رسل شاه رُخ جاؤوا مع طلب كسوة الكعبة بطلب أكبر وهو أن يلبس السلطان الأشرف برسباي خلعة شاه رخ وتاجه ويعلن تبعيته له ويجعل الخطبة والنقود باسمه ! وقد بين ذلك ابن حجر في إنباء الغمر / 1064 ، فقال : ( وفي يوم الثلاثاء سابع عشري جمادى الآخرة منها ( سنة 839 ) أو في شهر رجب ، وصل أقطوه الدويدار الذي كان رسولاً إلى شاه رُخّ ابن تمرلنك وصحبته رسل منه ، فاجتمع بالسلطان في يومه ثم وصل الرسل يوم الأربعاء وأنزلوا بالقاهرة ، ثم أخذ منهم الكتاب فقرئ وفيه إنكار ما يصنع بمكة من أخذ المكوس والتحذير من أمر إسكندر ابن قرا يوسف ، والإذن له في دخول هذه البلاد ، وأن يخطب له بمصر وتضرب السكة باسمه ، والتغليط في ذلك والتهديد ، وصحبة الرسول خلعة بنيابة مصر وتاج ، ثم راسله القاصد بأن معه كلاماً مشافهة ، فأحضر يوم السبت فأداه ، فأمر بضربه وضرب رفيقه ، فضربا ضرباً مبرحاً وغمساً في ماء البركة في شدة البرد ولكن بثيابهما حتى كادا يهلكان غماً ! ثم أمر بإخراجهما فأعيدا إلى المكان الذي أنزلا فيه ، ثم أمر بنفيهما إلى مكة في البحر ، فحجا وتوجها إلى العراق ، وعزم السلطان على السفر إلى البلاد الحلبية بالعساكر ،