أقول : يمثل كلام ابن تغري موقف أغلب علماء السنة من السلطان شاه رخّ ، وسبب قبولهم له أنه لم يكن يظهر تشيعه ، وكان يداريهم ويكرم علماءهم ويراسل سلطان مصر ، ويطلب منه كتب المذاهب السنية ! ففي النجوم الزاهرة : 14 / 334 ، أنه أرسل إلى سلطان مصر في سنة 833 ، يطلب كتباً منها فتح الباري والسلوك للمقريزي ! قال الشوكاني في البدر الطالع : 1 / 89 : ( ورد كتاب في سنة 833 من شاه رُخّ بن تيمور ملك الشرق يستدعي من السلطان الأشرف برسباي هدايا من جملتها فتح الباري فجهز له صاحب الترجمة ثلاث مجلدات من أوائله ، ثم أعاد الطلب في سنة 839 ولم يتفق أن الكتاب قد كمل فأرسل إليه أيضاً قطعة أخرى ، ثم في زمن الظاهر جقمق جهزت له نسخة كاملة ، وكذا وقع لسلطان الغرب أبي فارس عبد العزيز الحفصي فإنه أرسل يستدعيه فجهز له ما كمل من الكتاب ، وكان يجهز لكَتَبَة الشرح ولجماعة مجلس الإملاء ذهباً يُفرَّق عليهم ، هذا ومصنفه حي ، ولما كمل شرح البخاري تصنيفاً وقراءة عمل مصنفه وليمة عظيمة بالمكان الذي بناه المؤيد خارج القاهرة في يوم السبت ثامن شعبان سنة 842 وقرأ المجلس الأخير هنالك ، وجلس المنصف على الكرسي . قال تلميذه السخاوي : وكان يوماً مشهوداً ، لم يعهد أهل العصر مثله ، بمحضر من العلماء والقضاة والرؤساء والفضلاء ، وقال الشعراء في ذلك فأكثروا وفُرِّق عليهم الذهب ، وكان المستغرق في الوليمة المذكورة نحو خمسمائة دينار ، ووقعت في ذلك اليوم مطارحة أدبية ، فمنها أن المقام الناصري قال للمصنف يا مولانا شيخ الإسلام هذا يوم طيب ، فلعل أن تنعشونا فيه ببيت من مفرداتكم ، لعل أن نمشي خلفكم فيه ، فقال المُتَرجم له ( ابن حجر ) : أخشى إن إبتدأتُ أن لا يكون موافقاً لما وقع في خاطرك ، والأحسن أن تبتدئ أنت ، فقال الناصري : < شعر > هويتها بيضاءَ رَعْبُوبةٌ * قد شَغَفَتْ قلبي خُودٌ رداحْ < / شعر > فقال صاحب الترجمة : سألتها الوصل فضنَّتْ به إنَّ قليلاً في الملاحِ السَّمَاحْ