لما عبر التتر دربند شروان ساروا في تلك الأعمال وفيها أمم كثيرة منهم اللان واللكز وطوائف من الترك ، فنهبوها وقتلوا من اللكز كثيراً وهم مسلمون وكفار وأوقعوا بمن عداهم من أهل تلك البلاد ، ووصلوا إلى اللان وهم أممٌ كثيرة وقد بلغهم خبرهم فجدوا وجمعوا عندهم جمعاً من قفجاق فقاتلوهم فلم تظفر إحدى الطائفتين بالأخرى ، فأرسل التتر إلى قفجاق يقولون نحن وأنتم جنس واحد وهؤلاء اللان ليسوا منكم حتى تنصروهم ولا دينكم مثل دينهم ، ونحن نعاهدكم أننا لا نعترض إليكم ونحمل إليكم من الأموال والثياب ما شئتم وتتركون بيننا وبينهم . فاستقر الأمر بينهم على مال حملوه وثياب وغير ذلك فحملوا إليهم ما استقر ، وفارقهم قفجاق فأوقع التتر باللان فقتلوا منهم وأكثروا ونهبوا وسبوا ، وساروا إلى قفجاق وهم آمنون متفرقون لما استقر بينهم من الصلح فلم يسمعوا بهم إلا وقد طرقوهم ودخلوا بلادهم فأوقعوا بهم الأول فالأول ، وأخذوا منهم أضعاف ما حملوا إليهم ! وسمع من كان بعيد الدار من قفجاق الخبر ففروا من غير قتال وأبعدوا ، وبعضهم اعتصم بالغياض وبعضهم بالجبال ، وبعضهم لحق ببلاد الروس ! وأقام التتر في بلاد قفجاق وهي أرض كثيرة المراعي في الشتاء والصيف ، وفيها أماكن باردة في الصيف كثيرة المرعى ، وأماكن حارة في الشتاء كثيرة المرعى ، وهي غياض على ساحل البحر ، ووصلوا إلى مدينة سوادق وهي مدينة قفجاق التي منها مادتهم فإنها على بحر الخزر ، والمراكب تصل إليها وفيها الثياب فتشترى منهم وتباع عليهم الجواري والمماليك والبرطاسي والقندر والسنجاب ، وغير ذلك مما هو في بلادهم ، وبحر خزرية هذا بحر متصل بخليج القسطنطينية . لما استولى التتر على أرض قفجاق كما ذكرنا سار طائفة كثيرة منهم إلى بلاد الروس ، وهي بلاد كثيرة طويلة عريضة تجاورهم ، وأهلها يدينون بالنصرانية فلما وصلوا إليهم اجتمعوا كلهم واتفقت كلمتهم على قتال التتر إن قصدوهم وأقام التتر بأرض قفجاق مدة ، ثم إنهم ساروا سنة عشرين وستمائة إلى بلاد الروس فسمع