في كامل ابن الأثير : 12 / 383 : ( لما فرغ التتر من بلاد المسلمين بأذربيجان وأران بعضه بالملك وبعضه بالصلح ، ساروا إلى بلاد الكرج من هذه الأعمال أيضاً ، وكان الكرج قد أعدوا لهم واستعدوا وسيروا جيشاً كثيراً إلى طرف بلادهم ليمنعوا التتر عنها ، فوصل إليهم التتر فالتقوا فلم يثبت الكرج بل ولوا منهزمين ، فأخذهم السيف فلم يسلم منهم إلا الشريد . ولقد بلغني أنهم قتل منهم نحو ثلاثين ألفاً ، ونهبوا ما وصلوا إليه من بلادهم وخربوها ، وفعلوا بها ما هو عادتهم ، فلما وصل المنهزمون إلى تفليس وبها ملكهم جمع جموعاً أخرى وسيرهم إلى التتر أيضاً ليمنعوهم من توسط بلادهم ، فرأوا التتر وقد دخلوا البلاد لم يمنعهم جبل ولا مضيق ولا غير ذلك ! فلما رأوا فعلهم عادوا إلى تفليس فأخلوا البلاد ! ففعل التتر فيها ما أرادوا من النهب والقتل والتخريب ، ورأوا بلاداً كثيرة المضايق والدربندات فلم يتجاسروا على الوغول فيها فعادوا عنها . وداخل الكرج منهم خوف عظيم حتى سمعت عن بعض أكابر الكرج وكان قدم رسولاً أنه قال : من حدثكم أن التتر انهزموا وأُسروا فلا تصدقوه ! وإذا حدثتم أنهم قُتلوا فصدقوا ، فإن القوم لا يفرون أبداً ولقد أخذنا أسيراً منهم فألقى نفسه من الدابة وضرب رأسه بالحجر إلى أن مات ، ولم يسلم نفسه للأسَرة ! لما عاد التتر من بلد الكرج قصدوا دربند شروان فحصروا مدينة شماخي وقاتلوا أهلها فصبروا على الحصر ، ثم إن التتر صعدوا سورها بالسلاليم . . . فملك التتر البلد وقتلوا فيه فأكثروا ونهبوا الأموال فاحتازوها ، فلما فرغوا منه أرادوا عبور الدربند فلم يقدروا على ذلك فأرسلوا رسولاً إلى شروان شاه ملك دربند شروان يقولون له ليرسل إليهم رسولاً يسعى بينهم في الصلح ، فأرسل عشرة رجال من أعيان أصحابه فأخذوا أحدهم فقتلوه ثم قالوا للباقين : إن أنتم عرفتمونا طريقاً نعبر فيه فلكم الأمان ، وإن لم تفعلوا قتلناكم كما قتلنا هذا ! فقالوا لهم إن هذا الدربند ليس فيه طريق البتة ، ولكن فيه موضع هو أسهل ما فيه من الطرق ، فساروا معهم إلى ذلك الطريق ، فعبروا فيه وخلفوهم وراء ظهورهم . .