الروس وقفجاق خبرهم وكانوا مستعدين لقتالهم ، فساروا إلى طريق التتر ليلقوهم قبل أن يصلوا إلى بلادهم ليمنعوهم عنها ، فبلغ مسيرهم التتر فعادوا على أعقابهم راجعين فطمع الروس وقفجاق فيهم ، وظنوا أنهم عادوا خوفاً منهم وعجزاً عن قتالهم فجدُّوا في اتِّباعهم ولم يزل التتر راجعين وأولئك يَقْفُون أثرَهم اثني عشر يوماً ! ثم إن التتر عطفوا على الروس وقفجاق فلم يشعروا بهم إلا وقد لقوهم على غرة منهم ، لأنهم كانوا قد أمنوا التتر واستشعروا القدرة عليهم فلم يجتمعوا للقتال إلا وقد بلغ التتر منهم مبلغاً عظيماً ، فصبر الطائفتان صبراً لم يسمع بمثله ، ودام القتال بينهم عدة أيام ثم إن التتر ظفروا واستظهروا فانهزم قفجاق والروس هزيمة عظيمة بعد أن أثخن فيهم التتر وكثر القتل في المنهزمين فلم يسلم منهم إلا القليل ، ونهب جميع ما معهم ومن سلم وصل إلى البلاد على أقبح صورة لبعد الطريق والهزيمة ، وتبعهم كثير يقتلون وينهبون ويخربون البلاد حتى خلا أكثرها ، فاجتمع كثير من أعيان تجار الروس وأغنيائهم وحملوا ما يعز عليهم وساروا يقطعون البحر إلى بلاد الإسلام . . . لما فعل التتر بالروس ما ذكرناه ونهبوا بلادهم ، عادوا عنها وقصدوا بلغار أواخر سنة عشرين وستمائة ، فلما سمع أهل بلغار بقربهم منهم كمنوا لهم في عدة مواضع وخرجوا إليهم فلقوهم واستجروهم إلى أن جاوزوا موضع الكمناء ، فخرجوا عليهم من وراء ظهورهم ، فبقوا في الوسط وأخذهم السيف من كل ناحية فقتل أكثرهم ولم ينج منهم إلا القليل ! قيل كانوا نحو أربعة آلاف رجل فساروا إلى سقين عائدين إلى ملكهم جنكزخان . وخلت أرض قفجاق منهم فعاد من سلم منهم إلى بلادهم ، وكان الطريق منقطعاً مذ دخلها التتر ، فلم يصل منهم شئ من البرطاسي والسنجاب والقندر وغيرها مما يحمل من تلك البلاد ، فلما فارقوها عادوا إلى بلادهم واتصلت الطريق ، وحملت الأمتعة كما كانت . . . ) . وفي سير الذهبي : 22 / 242 : ( وفي العام ( 620 ) كانت الوقعة بين التتار الداخلين من الدربند وبين القفجاق والروس ، وصبروا أياماً ثم استحر القتل بالروس والقفجاق . . وفيها رجعت التتار من بلاد القفجاق فاستباحوا الري وساوه وقم ) .