الدين القفصي المالكي كلاماً معناه أن الكل مجتهدون ، فغضب لذلك غضباً شديداً وقال : علي على الحق ومعاوية ظالم ، ويزيد فاسق ، وأنتم حلبيون تبع لأهل دمشق ، وهم يزيديون ، قتلوا الحسين ! فأخذت في ملاطفته والاعتذار عن المالكي بأنه أجاب بشئ وجده في كتاب لا يعرف معناه ، فعاد إلى دون ما كان عليه من البسط ، وأخذ عبد الجبار يسأل عني وعن القاضي شرف الدين فقال عني : هذا عالم مليح ، وعن شرف الدين وهذا رجل فصيح ، فسألني تمرلنك عن عمري فقلت : مولدي في سنة تسع وأربعين وسبع مائة ، وقد بلغت الآن أربعاً وخمسين سنة ، فقال للقاضي شرف الدين : وأنت كم عمرك فقال أنا أكبر منه بسنة ، فقال تمرلنك : أنتم في عمر أولادي أنا عمري اليوم خمساً وسبعين سنة . وحضرت صلاة المغرب وأقيمت الصلاة وأمَّنا عبد الجبار وصلى تمرلنك إلى جانبي قائماً يركع ويسجد ، ثم تفرقنا . وفي اليوم الثاني غدر بكل من في القلعة وأخذ جميع ما كان فيها من الأموال والأقمشة والأمتعة ما لا يحصى ! أخبرني بعض كتابه أنه لم يكن أخذ من مدينة قط ما أخذ من هذه القلعة وعوقب غالب المسلمين بأنواع من العقوبة وحبسوا بالقلعة ما بين مقيد ومزنجر ومسجون ومرسم عليه ! ونزل تمرلنك من القلعة وأقام بدار النيابة وصنع وليمة على زي المغل ، ووقف سائر الملوك والنواب في خدمته ، وأدار عليهم كؤوس الخمر ، والمسلمون في عقاب وعذاب وسبي وقتل وأسر وجوامعهم ومدارسهم وبيوتهم في هدم وحرق وتخريب ونبش ، إلى آخر شهر ربيع الأول ! ثم طلبني ورفيقي شرف الدين وأعاد السؤال عن علي ومعاوية ؟ فقلت له : لا شك أن الحق كان مع علي وليس معاوية من الخلفاء ، فإنه صح عن رسول الله صلى الله عليه و آله أنه قال : الخلافة بعدي ثلاثون سنة وقد تمت بعلي ، فقال تمرلنك : قل علي على حق ومعاوية ظالم ، فقلتُ ) . انتهى . وقال الشوكاني في البدر الطالع : 1 / 175 : ( وكان آخر ماسألهم عنه أن قال : ما تقولون في معاوية ويزيد هل يجوز لعنهما أم لا ؟ وعن قتال على ومعاوية ؟ فأجابه القاضي