ويقال إنهم كانوا لا يرون غسل ثيابهم البتة ، ولا يميزون بين طاهر ونجس . ومن طرائقهم أنهم لا يتعصبون لمذهب ولا يتعرضون لمال ميت أصلاً ، ولو ترك ملء الأرض ، ولا يدخلونه خزانة السلطان . ومن عاداتهم أنهم لا يفخمون الألفاظ ولا يعظمون في الألقاب ، حتى يقال في مراسيم السلطان رسم القان بكذا ، من غير مزيد ألقاب . وأما حالهم في طاعة ملكهم فإنهم من أعظم الأمم طاعة لسلاطينهم ، لا لمال ولا لجاه ، بل ذلك دأب لهم ، حتى إنه إذا كان أمير في غاية من القوة والعظمة وبينه وبين السلطان كما بين المشرق والمغرب ، متى أذنب ذنباً يوجب عقوبة وبعث السلطان إليه من أخس أصحابه من يأخذه بما يجب عليه ، ألقى نفسه بين يدي الرسول ذليلاً ليأخذه بموجب ذنبه ولو كان فيه القتل . ومن طريقة أمرائهم أنه لا يتردد أمير إلى باب أمير آخر ، ولا يتغير عن موضعه المعين له ، فإن فعل ذلك عوقب أو قتل ، وإذا عرضوا آلات الحرب على أمرائهم وفوا في العرض حتى بالخيط والإبرة . ورعاياهم قائمون بما يلزمون به من جهة السلطان طيبة به نفوسهم . وإن غاب أحد من الرجال قام النساء بما عليهم ) . انتهى . وقال المقريزي في المواعظ والاعتبار / 1445 : ( وشرَط أن لا يكون على أحد من وُلْد علي بن أبي طالب رضي الله عنه مؤنةٌ ولا كلفة ، وأن لا يكون على أحد من الفقراء ولا القراء ولا الفقهاء ولا الأطباء ، ولا من عداهم من أرباب العلوم وأصحاب العبادة والزهد والمؤذنين ومغسلي الأموات كلفةٌ ولا مؤونة ، وشرَط تعظيم جميع الملل من غير تعصب لملة على أخرى ) . انتهى . أقول : اتفقت المصادر الأصلية التي روت نص الياسة على فقرة إعفاء الأولياء ورجال الدين وأشباههم من الضرائب ، وفي أولهم أبناء علي بن أبي طالب عليه السلام . وهذا يدل على نظرة جنكيز الإيجابية إلى السادة أبناء علي عليه السلام وأنهم أولياء الله وليسوا من أجهزة الدولة ، وقد كان بعضهم يعيش في بلاد ما